{الر} بتفخيم الراءِ المفتوحةِ وقرىء بالإمالة إجراءً للأصلية مُجرى المنقلبة عن الياء وقرىء بينَ بين وهو إمَّا مسرودٌ على نمطِ التعديدِ بطريقِ التَّحدِّي على أحدِ الوجهينِ المذكورينِ في فاتحةِ سُورةِ البقرةِ فلا محلَّ له من الإعرابِ وإمَّا اسمٌ للسُّورةِ كما عليه إطباقُ الأكثرِ فمحلُّه الرفعُ على أنَّه خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ أي هذه السورةُ مسماةٌ بألر وهو أظهرُ من الرَّفع على الابتداء لعدم سبق العلمِ بالتسميةِ بعدُ فحقُّها الإخبارُ بها لا جعلُها عنوانَ الموضوع لتوقفه على علم المخاطب بالانتساب كما مر والإشارةُ إليها قبل جَرَيانِ ذكرها لِما أنها باعتبار كونِها على جناح الذكْرِ وبصدده صارت في حكم الحاضِر كما يقال هذا ما اشترى فلان أو النصبُ بتقديرِ فعلِ لائقٍ بالمقام نحوُ اذكُر أو اقرأْ وكلمةُ
{تِلْكَ} إشارةٌ إليها إما على تقدير كونِ الر مسرودة على نمط التعديدِ فقد نُزّل حضورُ مادتِها التي هي الحروفُ المذكورةُ منزلةَ ذكِرها فأشير إليها كأنه قيل هذه الكلماتُ المؤلفةُ من جنس هذه الحروفِ المبسوطةِ الخ وأما على تقديرِ كونِه اسماً للسورة فقد نوّهتُ بالإشارة إليها بعد تنويهِها بتعيين اسمِها أو الأمر بذكرها أو بقراءتها وما في إسمِ الإشارةِ من معنى البُعد للتنبيه على بُعد منزلِتها في الفخامةِ ومحلُّه الرفعُ على أنه مبتدأ خبره قوله تعالى
{آيَات الكتاب} وعلى تقدير كون الر مبتدأً فهو مبتدأٌ ثانٍ أو بدلٌ من الأَّولِ والمعنى هي آياتٌ مخصوصةٌ منه مترجمةٌ باسم متسقل والمقصودُ ببيانِ بعضيَّتِها منه وصفُها بما اشتهر اتصافُه به من النعوت الفاضلةِ والصفاتِ الكاملةِ والمرادُ بالكتاب إما جميعُ القرآنِ العظيم وإن لم ينزل الكلُّ حينئذ إما باعبتار تعيّنِه وتحققِه في علمِ الله عزَّ وعلا أو في اللَّوحِ أو باعتبار أنه أُنزل جُملةً إلى السماءِ الدُّنيا كَما هو المشهورُ فإن فاتحةَ الكتاب كانت مسماة بهذا الاسم وبأم القرآن في عهد النبوة ولمّا يحصُلِ المجموعُ الشخصي إذ ذاك فلا بد من ملاحظة كلَ من الكتاب والقرآن بأحد الاعتبارات المذكورة وإما جميعُ القرآنِ النازلِ وقتئذ المتفاهَمِ بين الناسِ إذ ذاك فإنه كما يُطلق على المجموع الشخصيّ يُطلق على مجموع ما نزل في كل عصرٍ ألا يُرى إلى ما رُوي عنْ جابرٌ رضيَ الله عْنهُ أنه قال كان النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحُدٍ في ثوب واحد ثم يقول أيُّهم أكثرُ أخذاً للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد فإن ما يفهمه الناسُ من القرآن في ذلك الوقت ويحافظون على التفاوت في أخذه إنما هو المجموعُ النازلُ حينئذ من غير