{قُلْ} أُمرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بأنْ يبيِّن للنَّاسِ أنَّ الفائزون بتلك النَّعماءِ الجليلةِ التي يتنافسُ فيها المتنافسونَ إنَّما نالُوها بما عُدِّدَ من محاسنهم ولولاها لم يُعتدَّ بهم أصلاً أي قُل لهم كافَّةً مشافِهاً لهم بما صدرَ عن جنسهم من خيرٍ وشر {ما يعبأ بِكُمْ رَبّى لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ} أيْ أيُّ عبءٍ يُعبأُ بكم وأيُّ اعتدادٍ يُعتدُّ بكم لولا عبادتُكم له تعالى حسبما مرَّ تفصيلُه فإنَّ ما خُلق له الإنسانُ معرفتُه تعالى وطاعتُه وإلَاّ فهو وسائرُ البهائمِ سواءٌ وقال الزَّجَّاجُ معناه أيُّ وزنٍ يكون لكم عنده وقيل معناه ما يصنع بكم ربي لولا دعاؤه إيَّاكم إلى الإسلامِ وقيل ما يصنعُ بعذابِكم لولا دعاؤكم معه آلهةً ويجوز أن تكون مانافية وقوله تعالى {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ} بيانٌ لحال الكَفَرةِ من المخاطَبين كما أنَّ ما قبله بيانٌ لحال المُؤمنين منُهم أي فقد كذَّبتُم بما أخبرتكم به وخالقتموه أيُّها الكَفَرةُ ولم تعملوا عملَ أولئك المذكورينَ وقيل فقد قصَّرتمُ في العبادة من قولهم كذَب القتالُ إذا لم يُبالغ فيه وقُرىء فقد كذبَ الكافرون أي الكافرون منكُم لعمومِ الخطابِ للفريقينِ وفائدتُه الإيذانُ بأنَّ مناطَ فوزِ أحدِهما وخسرانِ الآخر مع الاتِّحاد الجنسيِّ المصحِّحِ للاشتراكِ في الفوزِ ليس إلا اختلافُهما في الأعمال {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً} أي يكون جزاءُ التكذيبِ أو أثرُه لازماً يحيقُ بكم لا محالةَ حتَّى يُكبكم في النَّارِ كما تُعربُ عنه الفاءُ الدَّالَّةُ على لزومِ ما بعدها لما قبلَها وإنَّما أُضمر من غير ذكرٍ للإيذان بغاية ظهوره وتهويل أمره وللتنبيه على أنه مَّما لا يُكتنهه البيانُ وقيل يكون العذابُ لزاماً وعن مجاهد رحمه الله هو القتلُ يومَ بدرٍ وأنه لُوزم بين القَتْلى وقُرىء لَزاماً بالفتح بمعنى اللُّزومِ كالثَّباتِ والثُّبوتِ عن رسول الله صلى الله عليهِ وسلَّم مَن قرأَ سورةَ الفرقانِ لقي الله تعالَى وهُو مؤمن بأن الساعة آنية لا ريبَ فيها وأُدخلَ الجنة بغير نصب