{فاعبدوا مَا شِئْتُمْ} أنْ تعبدُوه {مِن دُونِهِ} تعالى وفيه من الدلالة على شدة الغضب عليهم مالا يخفي كأنَّهم لمَّا لم ينتهُوا عما نُهوا عنه أُمروا به كي يحل بهم العقابُ {قُلْ إِنَّ الخاسرين} أي الكاملينَ في الخُسران الذي هو عبارةٌ عن إضاعةِ ما يُهمه واتلاف مالا بدَّ منه {الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ} باختيارِهم الكفرَ لهما أي أضاعُوهما وأتلفوهُما {يَوْمُ القيامة} حين يدخُلون النَّارِ حيث عرَّضوهما للعذابِ السَّرمديِّ وأوقعُوهما في هَلَكةٍ لا هلكةَ وراءها وقيل خسِروا أهليهم لأنَّهم إنْ كانُوا من أهلِ النَّار فقد خسروهم كما خسِروا انفسهم وإن كانُوا من أهلِ الجنَّةَ فقد ذهبُوا عنهم ذهاباً لا إيابَ بعدَهُ وفيه ان المحذور ذهاب مالو آبَ لانتفع به الخاسرُ وذلك غيرُ متصوَّرٍ في الشِّقِّ الأخيرِ وقيل خسِروهم لانهم لم يدخلوا مدخل الذين لهم في اهل الجنَّةِ وخَسِروا أهليهم الذين كانِوا يتمتَّعون بهم لو آمنُوا وأيَّا ما كان فليسَ المرادُ مجرد تعريفِ الكاملينَ في الخُسران بما نذكر بل بيانَ أنَّهم هم إما نجعل الموصولِ عبارةً عنهم أو عمَّا هم مُندرجون فيه اندراجاً أوليَّاً وما في قوله تعالى {أَلَا ذَلِكَ هُوَ الخسران المبين} من استئنافِ الجملةِ وتصديرِها بحرفِ التَّنبيه والإشارةِ بذلك إلى بُعد منزلةِ المشارِ إليه في الشَّرِّ وتوسيطُ ضمير الفصل وتعريفُ الخسرانِ ووصفُه بالمبينِ من الدِّلالةِ عَلى كمالِ هو له وفظاعتِه وأنَّه لا خُسران وراءه مالا يَخفْى وقوله تعالى