{واصبر} أي على مَا أَصَابَكَ من جهتهم من فنون الآلامِ والأَذية وعاينتَ من إعراضهم عن الحق بالكلية {وَمَا صَبْرُكَ إِلَاّ بالله} استثناءٌ مفرَّغٌ من أعم الأشياء أي وما صبرُك ملابساً ومصحوباً بشيءٍ من الأشياءِ إلا بالله أي بذكره والاستغراقِ في مراقبة شئونه والتبتّلِ إليه بمجامع الهِمّة وفيه من تسليته عليه الصلاة والسلام وتهوينِ مشاقِّ الصبرِ عليه وتشريفه مالا مزبد عليه أو إلا بمشيئته المبينة على حِكَمٍ بالغة مستتبِعةٍ لعواقبَ حميدةٍ فالتسليةُ من حيث اشتمالُه على غايات جميلة وقيل إلا بتوفيقه ومعونتِه فهي من حيث تسهيلُه وتيسيرُه فقط {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} أي على الكفارين بوقوع اليأسِ من إيمانهم بك ومتابعتِهم لك نحو فَلَا تَأْسَ عَلَى القوم الكافرين وقيل على المؤمنين وما فُعل بهم والأولُ هو الأنسب بجزالة النظمِ الكريم {وَلَا تَكُ فِى ضيق} بالفتح وقرئ بالكسر وهما لغتان كالقَوْل والقيل أي لا تكُن في ضيق صدرٍ وحرَج ويجوز أن يكون الأولُ تخفيفَ ضيِّق كهيْن من هيِّن أي في أمر ضيِّقٍ {مّمَّا يَمْكُرُونَ} أي من مكرهم بك فيما يُستقبل فالأولُ نهيٌ عن التألم بمطلوبٍ مِنْ قبلَهم فاتَ والثاني عن التألم بمحذور من جهتهم آتٍ والنهيُ عنهما مع أن انتفاءَهما من لوازم الصبرِ المأمورِ بهِ لا سيَّما على الوجه الأولِ لزيادة التأكيدِ وإظهارِ كمالِ العنايةِ بشأن التسليةِ وإلا فهل يخطُر ببال من توجّه إلى الله سبحانه بشر اشر نفسِه متنزهاً عن كلِّ ما سواهُ من الشواغل شيء من المطلوب فينهي عن الحزن