{فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} لترتيبِ النهْيِ على ما قبله فلابد أنْ يكونَ عبارةً عن خسرانِهم وحرمانِهم عمَّا علَّقوا به أطماعَهم الفارغةَ وانعكاسُ الأمر عليهم بترتيب الشر على مارتبوه لرجاء الخير فإن ذلك مما يُهوِّن الخطْبَ ويورث السَّلوةَ وأما كونُهم معدِّين لخدمتِهم وحفظِهم فبمعزلٍ من ذلكَ والنَّهيُ وإن كان بحسب الظاهر متوجِّهاً إلى قولهم لكنه في الحقيقة متوجِّهٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهيٌ له عليه السَّلامُ عن التأثر منه بطريقِ الكنايةِ على أبلغِ وجهٍ وآكدِه فإن النهي عن أسباب الشئ ومباديه المؤديةِ إليه نهيٌ عنه بالطريق البرهاني وإبطالٌ للسَّببيةِ وقد يوجِّه النهيُ إلى المسبَّب ويراد النهيُ عن السَّببِ كما في قولِه لا أرينك هَهُنا يريد به نهيَ مخاطِبَه عن الحضورِ لديهِ والمرادُ بقولهم ما ينبئ عنه ما ذكر من اتِّخاذهم الأصنامَ آلهةً فإنَّ ذلكَ مما لا يخلُو عن التَّفوه بقولِهم هؤلاءِ آلهتُنا وأنهم شركاءُ لله سبحانه في المعبوديةِ وغير ذلك مَّما يُورث الحزنَ وقرئ يُحزِنك بضمِّ الياء وكسرِ الزَّايِ من أحزنَ المنقولِ من حزِن اللازمِ وقوله تعالى {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} تعليلٌ صريحٌ للنَّهي بطريقِ الاستئنافِ بعد تعليلهِ بطريقِ الإشعارِ فإنَّ العلمَ بما ذُكر مستلزمٌ للمجازاةِ قطعاً أي إنَّا نجازيهم بجميعِ جناياتهم الخافية