للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

(يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بالعقود) الوفاءُ القيامُ بموجَبِ العَقْد وكذا الإيفاء والعقد هو العهدُ الموَثَّقُ المشبَّه بعقد الحبل ونحوه والمراد بالعقود ما يعمّ جميعَ ما ألزمه الله تعالى عبادَه وعقَده عليهم من التكاليف والأحكام الدينية وما يعقِدونه فيما بينهم من عقود الأمانات والمعاملات ونحوها مما يجب الوفاء به أو يحسنُ دِيناً بأن يُحمل الأمرُ على معنىً يعمّ الوجوبَ والندبَ أُمرَ بذلك أولاً على وجهِ الإجمالِ ثم شُرِعَ في تفصيلِ الأحكام التي امر بالايفاء بها وبدء بما يتعلّق بضروريات مَعايشِهم فقيل (احلت بَهِيمَةُ الانعام) البهيمةُ كلُّ ذات أربع وإضافتُها إلى الأنعام للبيان كثوب الخزّ وإفرادُها لإرادة الجنس أي أحِلّ لكم أكلُ البهيمة من الأنعام وهي الأزواجُ الثَّمانيةُ المعدودة في سورة الانعام والحق بها الضباء وبقَرُ الوَحْش ونحوُهما وقيل هي المرادة بالبهيمة همنا لتقدّم بيان حِلِّ الأنعام والإضافةُ لما بينهما من المشابهةِ والممائلة في الاجترار وعد الأنياب وفائدتُها الإشعارُ بعِلة الحكم المشتركة بين المضافَيْن كأنه قيل أحلت لكم البهيمةُ الشبيهة بالأنعام التي بَيَّن إحلالَها فيما سبق الممائلة لها في مَناطِ الحُكم وتقديم الجار والمجرور على القائم مقام الفاعلِ لما مرَّ مراراً من إظهار العناية بالمقدم لما فيه من تعجيلِ المسرَّةِ والتِّشويقِ إلى المؤخَّرِ فانما حقَّه التقديمُ إذا أُخرَ تبقى النفسُ مترقبة إلى وروده فيتمكّن عندها فضلُ تمكن (ال مَا يتلى عَلَيْكُمْ) استثناء من بهيمة الانعام أي إلا مُحرَّمَ ما يتلى عليكم من قوله تعالى حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة ونحوَه أو إلا ما يُتلى عليكم آيةُ تحريمه (غَيْرَ مُحِلّى الصيد) أي الاصطياد في البراء واكل صيده وهو نصبٌ على الحالية من ضمير لكم ومعنى عدمِ إحلالِهم له تقريرُ حرمته عملاً واعتقاداً وهو شائع في الكتاب والسنة وقوله تعالى (وَأَنتُمْ حرم) أي محرومون حال من الضمير في محلى وفائدة تقيد إحلالِ بهيمةِ الأنعام بما ذُكر من عدم إحلالِ الصيد حالَ الإحرام على تقدير كونِ المراد بها الظباءَ ونظائرَها ظاهرةٌ لما ان احلالها غي مُطلق كأنه قيل أحل لكم الصيدُ حالَ كونِكم ممتنعين عنه عند إحرامكم وأمَّا على التَّقديرِ الأوَّلِ ففائدته إتمامُ النعمة وإظهارُ الامتنان بإحلالها بتذكير احتياجهم إليه فإن حرمةَ الصيد في حالة الإحرام من

<<  <  ج: ص:  >  >>