{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ} خطابٌ للمنافقين بطريق الالتفاتِ مفيدٌ لتشديد التوبيخ الذى بستدعيه تعداد جناياتهم وقرئ مبنَّياً للمفعولِ من التَّنزيلِ والإنزالِ ونزَلَ أيضاً مخففاً والجملةُ حالٌ من ضمير يتخذون أيضاً مفيدةٌ لكمال قباحةِ حالِهم ونهاية استعصائِهم عليه سبحانه بييان أنهم فعلُوا ما فعلُوا من موالاة الكفرة مع تحقق ما يمنعهم من ذلك وهو وردود النهي الصريحِ عن مجالستهم المستلزمِ للنهي عن موالاتهم على أبلغِ وجهٍ وآكدِه إثرَ بيانِ انتفاءِ ما يدعوهم إليه بالجملة المعترضة كأنه قيل تتخذونهم أولياءَ والحالُ أنَّه تعالَى قد نزّل عليكم قبل هذا بمكة
{فِى الكتاب} أي القرآن الكريم
{أن إذا سمعتم آياتِ الله يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فلا تقعدوا معهم حتى يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غيره} وذلك قوله تعالى وَإِذَا رَأَيْتَ الذين يَخُوضُونَ فِى آياتنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ الآية وهذا يقتضي الانزجارَ عن مجالستهم في تلك الحالة القبيحةِ فكيف بموالاتهم والاعتزازِ بهم وأنْ هي المخففةُ من أنَّ وضميرُ الشأنِ الذي هو اسمُها محذوفٌ والجملةُ الشرطية خبرُها وقولُه تعالى يَكْفُرُ بِهَا حالٌ من آياتِ الله وقوله تعالى وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا عطفٌ عليهِ داخلٌ في حكم الحاليةِ وإضافةُ الآياتِ إلى الاسمِ الجليلِ لتشريفها وإبانةِ خطرِها وتهويلِ أمر الكفرِ بها أي نزل عليكم في الكتاب أنه إذا سمعتم آياتِ الله مكفوراً بها ومستهزَأً بها وفيه دِلالةٌ على أن المنزلَ على النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم وإن خوطب به خاصةً منزلٌ على الأمة وأن مدارَ الإعراضِ عنهم هو العلمُ بخوضهم في الآيات ولذلك عبّر عن ذلك تارة بالرؤية