(مَّثَلُ الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ) أي صفتُهم وحالُهم العجيبةُ الشأنِ التي هي كالمثل في الغرابة وهو مبتدأٌ خبرُه قولُه تعالى (أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ) كقولك صفةُ زيدٍ عرضُه مهتوكٌ ومالُه منهوب وهو استئنافٌ مبني على سؤال من قال ما بالُ أعمالُهم التي عمِلوها في وجوه البرِّ من صلة الأرحام وإعتاق الرقاب وفداءِ الأسارى وإغاثةِ الملهُوفين وقِرى الأضيافِ وغير ذلك ممَّا هو من باب المكارم حتى آل أمرُهم إلى هذا المآل فأجيب بأن ذلك كرماد (اشتدت بِهِ الريح) حملتْه وأسرعتْ الذهاب به (فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) العصْفُ اشتدادُ الريحِ وصف به زمانُها مبالغةً كقولك ليلةٌ ساكرةٌ وإنما السكورُ لريحها شُبّهت صنائعُهم المعدودةُ لابتنائها على غير أساسٍ من معرفة الله تعالى والإيمان به والتوجّه بها إليه تعالى برماد طيّرته الريحُ العاصفةُ أو استئنافٌ مسوقٌ لبيان أعمالِهم للأصنام أو مبتدأٌ خبرُه محذوفٌ كما هُو رأيُ سيبويهِ أي فيما يتلى عليك مَثلُهم وقوله أعمالُهم جملة مستأنَفةٌ مبنيّةٌ على سؤال من يقول كيف مثلهم فقيل أعمالهم كيت وكيت سواء أريد بها صنائعهم أو أعمالهم لأصنامهم وقيل أعمالُهم بدلٌ من مَثَلُ الذين وقوله كرماد خبرُه (لَاّ يَقْدِرُونَ) أي يوم القيامة (مِمَّا كَسَبُواْ) من تلك الأعمال (على شَىْء) ما أي لا يرَوْن له أثراً من ثواب أو تخفيفِ عذابٍ كدأب الرماد المذكور وهو فذلكةُ التمثيل والاكتفاءُ ببيان عدمِ رؤيةِ الأثر لأعمالهم للأصنام مع أن لها عقوباتٍ هائلةً للتصريح ببطلان اعتقادِهم وزعمِهم أنها شفعاءُ لهم عند الله تعالى وفيه تهكّمٌ بهم (ذلك) أي ما دل عليه التمثل دَلالةً واضحةً من ضلالهم مع حُسبانهم أنهم على شيء (هُوَ الضلال البعيد) عن طريق الصواب أو عن نيل الثواب