(ومن آياته) الدَّالَّةِ على ما ذُكر من أمر البعثِ وما يتلُوه من الجزاءِ {خُلِقَ السماوات والارض} إما من حيثُ إنَّ القادرَ على خلقِهما بما فيهما من المخلوقات بلا مادَّة مستعدةِ لها أظهرُ قدرة على إعادِة ما كان حيَّاً قبل ذلك وإمَّا منْ حيثُ إن خلقهما ومافيهما ليس إلا لمعاشِ البشرِ ومعادِه كما يُفصح عنه قولُه تعالى هُوَ الذى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الارض جَمِيعاً وقولُه تعالَى وَهُوَ الذى خَلَقَ السموات والأرض فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً {واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ} أي لغاتِكم بأنْ علَّم كلَّ صنفٍ لغتَهُ وألهمه وضعَها وأقدرَه عليها او اجناس نطقكم وأشكالِه فإنَّك لا تكادُ تسمعُ منطقينِ متساويينِ في الكيفيَّةِ من كلِّ وجهٍ {وألوانكم} ببياضِ الجلدِ وسوادِه وتوسطِه فيما بينهما أو تخطيطات الاعضاء وهيآتها وألوانِها وحُلاها بحيثُ وقعَ بها التمايز بين الاشخاص حتَّى إنَّ التَّوأمينِ مع توافقِ موادِّهما وأسبابِهما والأمورِ المتلاقيةِ لهما في التَّخليقِ يختلفانِ في شيءٍ من ذلك لا محالَة وإنْ كانا في غايةِ التَّشابِه وإنَّما نُظِمَ هذا في سلك الآيات الآفافية من خلقِ السمواتِ والأرضِ مع كونِه من الآياتِ الانفسية الحقيقة بالانتظامِ في سلكِ ما سبق من خلقِ أنفسِهم وأزواجِهم للإيذانِ باستقلالِه والاحترازِ عن توهُّمِ كونِه من تتمَّاتِ خلقِهم {إِنَّ فِى ذَلِكَ} أي فيما ذكر من خلقِ السمواتِ والأرضِ واختلافِ الألسنةِ والألوانِ {لَايَاتٍ} عظيمة في أنفسها كثيرة في عددِها {للعالمين} أي المتَّصفين بالعلمِ كما في قولِه تعالى وَمَا يَعْقِلُهَا