{وَأَقْسَمُواْ بالله} حكايةٌ لبعضٍ آخَرَ من أكاذيبِهم مؤكَّد بالأيمانِ الفاجرةِ وقولُهُ تعالى {جَهْدَ أيمانهم} نُصبَ على أنَّه مصدرٌ مُؤكدٌ لفعله الذي هو في حيِّز النصبِ على أنه حالٌ من فاعلِ أقسمُوا أي أقسمُوا به تعالى يجهدون أيمانَهم جَهداً ومعنى جَهد اليمينِ بلوغُ غايتِها بطريقِ الاستعارةِ من قولِهم جهدَ نفسَه إذا بلغَ أقصى وُسعِها وطاقتِها أي جاهدين بالغينَ أقصى مراتبِ اليمينِ في الشدَّةِ والوكادةِ وقيل هو مصدرٌ مؤكدٌ لأقسمُوا أي أقسمُوا إقسامَ اجتهادٍ في اليمينِ قال مقاتلٌ مَن حلفَ بالله فقدِ اجتهدَ في اليمينِ {لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ} أي بالخروجِ إلى الغزوِ لا عن ديارِهم وأموالِهم كما قيل لأنَّه حكايةٌ لما كانُوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أينما كنتَ نكُنْ معك لئن خرجتَ خرجنَا وإنْ أقمتَ أقمنَا وإن أمرتَنا بالجهادِ جاهدنَا وقوله تعالى {لَيُخْرِجَنَّ} جوابٌ لأقسمُوا بطريقِ حكايةِ فعلِهم لا حكايةِ قولِهم وحيثُ كانتْ مقالتُهم هذه كاذبةً ويمينُهم فاجرةً أمر صلى الله عليه وسلم بردِّها حيثُ قيل {قُلْ} أي ردًّا عليهم وزَجْراً لهم عن التَّفوه بها وإظهاراً لعدمِ القَبُول لكونِهم كاذبينَ فيها {لَاّ تُقْسِمُواْ} أى على ما ينبئ عنه كلامُكم من الطَّاعةِ وقوله تعالى {طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ} خبرُ مبتدأٍ محذوفٍ والجملةُ تعليلٌ للنَّهيِ أي لا تقسمُوا على ما تدَّعُون من الطَّاعةِ لأنَّ طاعتَكم طاعةٌ نفاقيةٌ واقعةٌ باللِّسان فَقَط من غيرِ مُواطأةٍ من القلبِ وإنَّما عبر عنها بمعروفةٌ للإيذانِ بأنَّ كونها كذلك