{أَوَلَمْ يَرَوْاْ} الهمزةُ للإنكارِ والتعجيب والواو للعطف على جملةٍ منفيِّةٍ مقدَّرةٍ مستتبعةٍ للمعطوفِ أي ألم يتفكرَّوا أو ألم يلاحظُوا ولم يعلمُوا علماً يقينيّاً مُتاخِماً للمُعاينةِ {أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم} أي لأجلِهم وانتفاعِهم {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} أي ممَّا تولينا إحداثَه بالذَّاتِ وذكرُ الأيدي وإسنادُ العمل إليها إستعارةٌ تفيد مبالغة في الاختصاص والتَّفردِ بالأحداث والاعتناء به {أنعاما} مفعولُ خلقنَا وتأخيره عن الجارَّينِ المتعلِّقين به مع أنَّ حقَّه التَّقدمُ عليهما لما مرَّ مرارا من الاعتناء بالمقدم والتشويقِ إلى المؤخَّر فإنَّ ما حقُّه التقديمُ إذا أُخِّر تبقى النفسُ مترقبةً لهُ فيتمكنُ عندَ ورودِه عليها فضلُ تمكُّنٍ لا سيما عند كونِ المقدم منبئاً عن كونِ المؤخَّر أمراً نافعاً خطيراً كما في النَّظمِ الكريم فإنَّ الجارَّ الأول المُعربَ عن كون المؤخَّرِ من منافعهم والثَّاني المفصح عن كونه من الأمورِ الخطيرةِ يزيدان النَّفسَ شوقاً إليه ورغبةً فيه ولأنَّ في تأخيره جمعاً بينه وبين أحكامِه المتفرعة عليه بقوله تعالى {فَهُمْ لَهَا مالكون} الآيات الثلاث أي فملكناها إيَّاهمُ وإيثارُ الجملة الاسميةِ على ذلك للدِّلالةِ على استقرارِ مالكِّيتِهم لها واستمرارِها والَّلامُ متعلِّقةٌ بمالكون مقوَّيةٌ لعمله أي فهُم مالِكون لها بتمليكنا إياها لهم متصرِّفون فيها بالاستقلالِ مختصُّون بالانتفاع بها لا يزاحمهم في ذلك غيرهم أو قادرون على ضبطها متمكنون من الصرف فيها بأقدارِنا وتمكيننا وتسخيرِنا إيَّاها لهم كما في قولِ مَن قال ... أصبحتُ لا أحملُ السِّلاحَ ولا ... أملكُ رأسَ البعيرِ إنْ نفرا ...