{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً} لمّا بيّن حُكمَ القتلِ خطأً وفصَّل أقسامَه الثلاثةَ عقّب ذلك ببيان القتلِ عمداً خلا أن حكمَه الدنيويَّ لما بُيِّن في سورة البقرة أقتصر ههنا على حُكمه الأخرويِّ روي أن مقيسِ بنِ ضبابةَ الكِناني وكان قد أسلم هو وأخوه هشامٌ وجَد أخاه قتيلاً في بني النجارِ فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر له القصةَ فأرسل عليه السلام معه زبيرَ بنَ عِياضٍ الفِهريَّ وكان من أصحاب بدرٍ إلى بني النجار يأمرُهم بتسليم القاتلِ إلى مقيسٍ ليقتصَّ منه إن علموه وبأداء الديةِ إن لم يعلموه فقالوا سمعاً وطاعةً لله تعالى ولرسوله عليه السلام ما نعلم له قاتلاً ولكنا نؤدّي دِيتَه فأتَوْه بمائة من الإبل فانصَرفا راجعَيْن إلى المدينة حتى إذا كانا ببعض الطريقِ أتى الشيطانُ مِقْيَساً فوسوس إليه فقال أتقبل دِيةَ أخيك فيكونَ مَسَبَّةً عليك اقتُل الذي معك فيكونَ نفساً بنفس وفضلَ الديةِ فتغفّل الفِهريَّ فرماه بصخرة فشدَخَه ثم ركِب بعيراً من الإبل واستاق بقيتَها راجعاً إلى مكةَ كافراً وهو يقول ... قتلتُ به فِهراً وحمَّلْتُ عَقُلَه ... سَراةَ بني النجارِ أصحابَ قارعِ ... وأدركتُ ثأري واضطجعتُ موسّدا ... وكنت إلى الأوثان أولَ راجعِ ... فنزلت وهو الذي أستثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتحِ ممن أمّنه فقُتل وهو متعلِّقٌ بأستارِ الكعبةِ وقوله تعالى معتمدا حالٌ من فاعل يقتل وروي عن الكسائي سكونُ التاءِ كأنه فر من توالي الحركات