{وَلَوْ أَنَّ لِكُلّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} بالشرك أو التعدّي على الغير أو غيرِ ذلك من أصناف الظلمِ ولو مرةً حسبما يفيده كونُ الصفةِ فعلاً
{مَّا فِى الأرض} أي ما في الدُّنيا من خزائنها وأموالِها ومنافعها قاطبةً بما كثُرت
{لَافْتَدَتْ بِهِ} أي لجعلتْه فديةً لها من العذاب من افتداه بمعنى فداه
{وَأَسَرُّواْ} أي النفوسُ المدلولُ عليها بكل نفس والعدولُ إلى صيغة الجمعِ مع تحقق العمومِ في صورة الإفرادِ أيضاً لإفادة تهويلِ الخطبِ بكون الإسرارِ بطريق المعيةِ والاجتماع وإنما لم يُراعَ ذلك فيما سبق لتحقيق ما يتوخى من فرض كونِ جميعَ ما في الأرض لكل واحدةٍ من النفوس وإيثارُ صيغة الجمع المذكرِ لحمل لفظ النفسِ على الشخص أو لتغليب ذكورِ مدلولِه على إناثه
{الندامة} على مافعلوا من الظلم أي أخفَوْها ولم يظهروها لكن لا للاصطبار والتجلد هيهاتَ ولاتَ حينَ اصطبارٍ بل لأنهم بُهتوا
{لَمَّا رَأَوُاْ العذاب} أي عند معاينتِهم من فظاعة الحالِ وشدةِ الأهوالِ مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ فلم يقدروا على أن ينطِقوا بشيء فلما بمعنى حين منصوبٌ بأسرّوا أو حرفُ شرطٍ حذف جوابُه لدِلالة ما تقدم عليه وقيل أسرها رؤساؤُهم ممن أضلوهم حياءً منهم وخوفاً من توبيخهم ولكن الأمرَ أشدُّ من أن يعترِيَهم هناك شيءٌ غيرَ خوفِ العذاب وقيل أسروا الندامةَ أخلصوها الأن إسرارها إخلاصُها أو لأن سرَّ الشيءِ خالصتُه حيث تخفى ويُضَنّ بها ففيه تهكمٌ بهم وقيل أظهروا الندامةَ من قولهم أسرَّ الشىء وأشره إذا ظهره حين عيل صبره وفى تجلُّده
{وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ} أي أُوقع القضاءُ بين الظالمين من المشركين وغيرِهم من أصناف أهل الظلمِ بأن أُظهر الحقُّ سواءٌ كان من حقوق الله سبحانه أو من حقوق العبادِ من الباطل وعومل أهلُ كلَ منهما بما يليق به
{بالقسط} بالعدل وتخصيصُ الظلم بالتعدي وحملُ القضاء على مجرد الحكومةِ بين الظالمين والمظلومين من غير أن يُتعرَّضَ لحال المشركين وهم أظلمُ الظالمين لا يساعدُه المقامُ فإن مقتضاه