{حتى إذا استيأس الرسل} غايةٌ لمحذوف دل عليه السياقُ أي لا يغُرّنهم تماديهم فيمَا هُم فيهِ من الدعة والرخاء فإن مَنْ قبلهم قد أُمهلوا حتى أيِسَ الرسل عن النصر عليهم في الدنيا أو عن إيمانهم لانهماكهم في الكفر وتماديهم في الطغيان من غير وازع
{وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ} كذَّبتْهم أنفسُهم حين حدثتْهم بأنهم ينصرون عليه أو كذّبهم رجاؤهم فإنه يوصف بالصدق والكذب والمعنى أن مدة التكذيبِ والعداوة من الكفار وانتظارَ النصر من الله تعالى قد تطاولت وتمادت حتى استشعروا القُنوطَ وتوهّموا أن لا نصر لهم في الدنيا
{جَاءهُمْ نَصْرُنَا} فجأة وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وظنوا أنهم قد أُخلِفوا ما وعدهم الله من النصر فإن صح ذلك عنه فلعله أراد بالظن ما يخطُر بالبال من شبه الوسوسة وحديثِ النفس وإنما عبر عنه بالظن تهويلاً للخطب وأما الظنُّ الذي هو ترجّحُ أحدِ الجانبين على الآخر فلا يُتصوّر ذلك من آحاد الأمة فما ظنُّك بالأنبياء عليهم الصَّلاةُ والسَّلامُ وهم هم ومنزلتُهم في معرفة شئون الله سبحانه منزلتُهم وقيل الضميران للمُرسل إليهم وقيل الأول لهم والثاني للرسل وقرىء بالتشديد أي ظن الرسلُ أن القوم كذّبوهم فيما أوعدوهم وقرىء بالتخفيف على بناء الفاعل على أن الضمير للرسل أي ظنوا أنهم كذَبوا عند قومهم فيما حدّثوا به لِما تراخى عنهم ولم يرَوا له أثراً