{وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى} بإلهامٍ أو رُؤيا {أَنْ أَرْضِعِيهِ} ما أمكنك إخفاؤُه {فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ} بأنْ يحسَّ به الجيرانُ عند بكائِه وينمُّوا عليه {فَأَلْقِيهِ فِي اليم} في البحرِ وهو النِّيلُ {وَلَا تَخَافِى} عليهِ ضيعةً بالغرقِ ولا شدَّةً {وَلَا تَحْزَنِى إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ} عن قريبٍ بحيثُ تأمنينَ عليهِ {وجاعلوه مِنَ المرسلين} والجملةُ تعليلٌ للنَّهي عن الخوف والحزنِ وإيثارُ الجملةِ الاسميةِ وتصديرُها بحرفِ التَّحقيقِ للاعتناء بتحقيق مضمونِها أي إنَّا فاعلونَ لردِّه وجعلِه من المُرسلينَ لا محالةَ رُوي أنَّ بعضَ القَوَابلِ المُوكلاتِ من قبلِ فرعونَ بحَبالَى بني إسرائيلَ كانتْ مصافيةً لأمِّ موسى عليه السَّلامُ فقالتْ لها لينفعني حبُّكِ اليومَ فعالجتها فلما وقع على الأرضِ هالها نورٌ بين عينيهِ وارتعشَ كلُّ مفصلٍ منها ودخل حبُّه في قلبِها ثم قالتْ ما جئتكِ إلا لأقبلَ مولودكِ وأُخبر فرعونَ ولكنِّي وجدتُ لابنكِ في قلبي محبَّةً ما وجدتُ مثلَها لأحدٍ فاحفظيهِ فلمَّا خرجتْ جاء عيونُ فرعونَ فلفَّته في خرقةٍ فألقتْهُ في تنُّورٍ مسجورٍ لم تعلمْ ما تصنعُ لما طاشَ من عقلِها فطلبُوا فلم يلْقَوا شيئاً فخرجُوا وهي لا تدري مكانَه فسمعتْ بكاءه من التنُّور فانطلقتْ إليه وقد جعل الله تعالى النار عليه بردا وسلاما فلما ألحَّ فرعونُ في طلب الولدانِ أَوْحى الله تعالى إليها ما أَوْحى وقد رُوي أنَّها أرضعتْهُ ثلاثةَ أشهرٍ في تابوتٍ من بَرْديَ مطليَ بالقارِ من داخلِه والفاءُ في قوله تعالى