{قَالَ رَبّ إِنّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ} أي أطلب منك من بعدُ
{مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ} أي مطلوباً لا أعلم أن حصولَه مقتضي الحِكمة أو طلباً لا أعلم أنه صوابٌ سواءٌ كان معلومَ الفسادِ أو مشتبه الحال أولا أعلمُ أنه صوابٌ أو غيرُ صوابٍ على ما مر وهذه توبةٌ منه عليه السلام مما وقع منه وإنما لم يقُلْ أعوذ بك منه أو من ذلك مبالغةً في التوبة وإظهاراً للرغبة والنشاطِ فيها وتبركاً بذكر ما لقّنه الله تعالى وهو أبلغُ من أنْ يقول أتوبُ إليك أن أسألَك لما فيهِ منَ الدلالةِ على كون ذلك أمراً هائلاً محذوراً لا محيصَ منه إلا بالعوذ بالله تعالى وأن قدرتَه قاصرةٌ عن النجاة من المكاره إلا بذلك
{وَإِلَاّ تَغْفِرْ لِى} ما صدرَ عنِّي من السؤال المذكورِ
{وَتَرْحَمْنِى} بقَبول توبتي
{أَكُن مّنَ الخاسرين} أعمالاً بسبب ذلك فإن الذهولَ عن شكر الله تعالى لا سيما عند وصولِ مثلِ هذه النعمةِ الجليلةِ التي هي النجاةُ وهلاكُ الأعداءِ والاشتغالَ بما لا يعني خصوصاً بمبادي خلاصِ من قيلَ في شأنه إنه عملٌ غيرُ صالحٍ والتضرّعَ إلى الله تعالَى في أمره معاملة غير رابحة وخسران مبينٌ وتأخيرُ ذكرِ هذا النداءِ عن حكاية الأمرِ الوارد على الأرض والسماء وما يتلوه من زوال الطوفانِ وقضاءِ الأمر واستواءِ الفُلك على الجوديّ والدعاءِ بالهلاك على الظالمين مع أن حقَّه أن يُذكر عَقيبَ قوله تعالى فَكَانَ مِنَ المغرقين حسبما وقع في الخارج إذ حينئذ يُتصوّر الدعاءُ بالإنجاء لا بعد العلمِ بالهلاكِ ليس لما