{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ} إثرَ ما فُصل عن الزِّنا وعن رميِ العفائف عنه شُرع في تفصيل الزَّواجر عمَّا عسى يُؤدِّي إلى أحدهما من مخالطة الرجال والنساء ودخولِهم عليهنَّ في أوقات الخلوات وتعليمِ الآدابِ الجميلة والأفاعيل المرضيَّة المستتبعة لسعادةِ الدَّارين ووصف البيوت بمغايرة بيوتِهم خارجٌ مخرجَ العادة التي هي سُكنى كلِّ أحدٍ في ملكه وإلا فالمآجر والمُعير أيضاٌ منهيَّانِ عن الدخول بغير إذن وقرئ بِيوتاً غيرَ بِيوتكم بكسرِ الباءِ لإجلِ الياءِ {حتى تَسْتَأْنِسُواْ} أي تستأذنوا مَن يملكُ الإذن من أصحابها من الاستئناس بمعنى الاستعلام من آنس الشيء إذا أبصره فإن المستأنس مستعلم للحال مستكشف أنه هل يؤذن له أو من الستئساس الذي هو خلاف الاستيحاش لما أن المستأذن مستوحش خائف أن لا يؤذن له فإذا أذن له استأنس {وَتُسَلّمُواْ على أَهْلِهَا} عند الاستئذان روي عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أن التسليم أن يقول السلام عليكم أأدخل ثلاث مرات فإن أذن له دخل وإلا رجع {ذلكم} أي الاستئذان مع التسليم {خَيْرٌ لَّكُمْ} من أن تدخلوا بغتة أو على تحية الجاهلية حيث كانَ الرجلُ منهُم إذَا أراد أن يدخل بيتاً غير بيته يقول حييتم صباحاً حييتم مساء فيدخل فربما أصاب الرجل مع امرأته في لحاف وروي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أستأذن على أمي قال له نعم قال ليس لها خادم غيري أأستأذن عليها كما دخلت قال صلى الله عليه وسلم أتحب أن تراها عريانة قال لا قال صلى الله عليه وسلم فاستأذن {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} متعلق بمضمر أي أمرتم به أو قيل لكم هذا كي تتذكروا وتتعظوا وتعملوا بموجبه