{إِنَّ الذين سَبَقَتْ لَهُمْ مّنَّا الحسنى} شروعٌ في بيان حال المؤمنين إثرَ شرح حالِ الكفرة حسبما جرت به سنةُ التنزيل من شفْع الوعد بالوعيد وإيرادِ الترغيب مع الترهيب أي سبقت لهم منا في التقدير الخَصلةُ الحسنى التي هي أحسنُ الخِصال وهي السعادة وقبل التوفيقُ للطاعة أو سبقت لهم كلمتُنا بالبشرى بالثواب على الطاعة وهو الأدخلُ الأظهرُ في الحمل عليها لما أن الأولَين مع خفائهما ليسا من مقدورات المكلفين فالجملةُ مع ما بعدها تفصيلٍ لَما أُجمل في قوله تعالى فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتبون كما أن ما قبلها من قوله تعالى إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ الخ تفصيلٍ لَما أُجمل في قوله تعالى وَحَرَامٌ الخ {أولئك} إشارةٌ إلى الموصول باعتبر اتصافه بما في حيز الصلةِ وما فيهِ منْ معنى البعد للإيذان بعلو درجتهم وبُعد منزلتِهم في الشرفِ والفضلِ أيْ أولئكَ المنعوتونَ بما ذُكِرَ من النعت الجميل {عَنْهَا} أي عن جهنم {مُبْعَدُونَ} لأنهم في الجنة وشتان بينها وبين النار وما روي أن علياً رضي الله عنه خطب يوماً فقرأ هذه الآية ثم قال أنا منهم وأبو بكر وعمرُ وعثمانُ وطلحةُ والزبيرُ وسعدٌ وسعيدٌ وعبدِ الرحمن بنِ عوف وأبو عبيدةَ بنُ الجراح رضوانُ الله تعالى عنهم أجمعين ثم أقيمت الصلاةُ فقام يجرّ رداءه ويقول