{إِنَّ الله يُدْخِلُ الذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جنات تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنهار} بيانٌ لحسنِ حالِ المُؤمنين إثرَ بيانُ سوءِ حالِ الكفرةِ وقد غير الأسلوب فيها بإسناد الإدخالِ إلى الله عزَّ وجلَّ وتصديرُ الجملة بحرفِ التَّحقيقِ إيذاناً بكمال مباينةِ حالِهم لحالِ الكفرةِ وإظهاراً لمزيدِ العنايةِ بأمرِ المؤمنين ودلالة على تحقق مضمونِ الكلام {يُحَلَّوْنَ فِيهَا} على البناء للمفعولِ بالتَّشديدِ من التحلية وقرئ بالتَّخفيفِ من الإحلاءِ بمعنى الإلباسِ أي يُحلِّيهم الملائكةُ بامره تعالى وقرئ يُحلَّون من حليةِ المرأةِ إذا لبستْ حِليتَها ومِنْ في قولِه تعالَى {من أَسَاوِرَ} إما للتبعيضِ أي بعضِ أساورَ وهي جمع أَسْوِرةٍ جمع سِوارٍ أو للبيانِ لِما أنَّ ذكرَ التحلية مما ينبئ عن الحلى المبهمِ وقيل زائدةٌ وقيل نعتٌ لمفعولٍ محذوفٍ ليحلون فإنَّه بمعنى يلبسون {مّن ذَهَبٍ} بيانٌ للأساورِ {وَلُؤْلُؤاً} عطفٌ على محلِّ من أساورَ أو على المفعولِ المحذوفِ أو منصوبٌ بفعل مضمرٍ يدلُّ عليه يحلون أي يُؤتون وقُرىء بالجرِّ عطفا على أساور وقرئ لؤلؤاً بقلب الهمزة الثَّانيةِ واواً ولولياً بقلبها ياءً بعد قلبهما واواً وليليا بقلبهما ياءً {وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ} غُيِّر الأسلوبُ حيثُ لم يقُلْ ويلبسون فيها حريراً لكن لا للدِّلالةِ على أنَّ الحريرَ ثيابُهم المعتادة أو لمجرَّدِ المحافظةِ على هيئةِ الفواصلِ بل للإيذانِ بأن ثبوت اللباسِ لهم أمرٌ محققٌ غنيٌّ عن البيان إذ لا يمكن عراؤهم عنْهُ وإنَّما المحتاجُ إلى البيانِ أنَّ لباسَهم ماذا بخلافِ الأساورِ واللؤلؤ فإنَّها ليستْ من اللَّوازمِ الضَّروريَّةِ فجعل بيان تحليتهم بها مقصوداً بالذَّاتِ ولعلَّ هذا هو الباعثُ لى تقديمِ بيانِ التَّحليةِ على بيانِ حالِ اللِّباس