{وكذلك} أيْ ومثلَ ذلكَ الاجتباءِ البديعِ الذي شاهدتَ آثارَه في عالم المثالِ من سجود تلك الأجرامِ العلوية النيِّرةِ لك وبحسَبه وعلى وَفْقه
{يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ} يختارك لجناب كبريائه ويستنبؤك افتعال من جباه إذا جمعه ويصطفيك على أشراف الخلائقِ وسَراةِ الناس قاطبةً ويُبرز مصداق تلك الرؤيا في عالم الشهادة حسب ما عاينته من غير قصور والمرادُ بالتشبيه بيانُ المضاهاةِ المتحققةِ بين الصور المرئيةِ في عالم المثالِ وبين ما وقعت هي صوراً وأشباحاً له من الكائنات الظاهرةِ بحسبها في عالم الشهادة أي كما سُخّرت لك تلك الأجرامُ العظامُ يسخِّرْ لك وجوهَ الناس ونواصيَهم مذعنين لطاعتك خاضعين لك على وجه الاستكانة ومرادُه بيانُ إطاعةِ أبويه وإخوتِه له لكنه إنما لم يصرّح به حذراً من إذاعته
{وَيُعَلّمُكَ} كلامٌ مبتدأٌ غيرُ داخلٍ تحت التشبيه أراد به عليه السلام تأكيدَ مقالته وتحقيقَها وتوطينَ نفسِ يوسفَ عليه السلام بما أخبر به على طريقة التعبيرِ والتأويل كأنه قال وهو يعلمك
{مِن تَأْوِيلِ الاحاديث} أي ذلك الجنسِ من العلوم أو طرفاً صالحاً منه فتطلّع على حقيّة ما أقول ولا يَخْفى ما فيهِ من تأكيد ما سبق والبعثِ على تلقي ما سيأتي بالقبول والمرادُ بتأويل الأحاديث تعبيرُ الرؤيا إذ هي أحاديثُ الملَكِ إن كانت صادقةً أو أحاديثُ