{وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس} الكفارَ {بِظُلْمِهِمْ} بكفرهم ومعاصيهم التي مِن جُملتِها ما عُدّد من قبائحهم وهذا تصريحٌ بما أفاده قوله تعالى {وَهُوَ العزيز الحكيم} وإيذانٌ بأن ما أتَوْه من القبائح قد تناهى إلى أمد لا غايةَ وراءَه {مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا} على الأرض المدلولِ عليها بالناس وبقوله تعالى {مِن دَابَّةٍ} أي ما ترك عليها شيئاً من دابة قطُّ بل أهلكها بالمرة بشؤم ظلمِ الظالمين كقولِه تعالى {واتقوا فِتْنَةً لَاّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً} وعن أبي هريرةَ رضيَ الله عنه أنَّه سمع رجلاً يقول إن الظالم لا يضُرُّ إلا نفسَه فقال بلى والله حتى إن الحُبارَى لتموت في وَكرها بظلم الظالم وعن ابن مسعود رضي الله عنه كاد الجُعَلُ يهلِك في حجره بذنب ابن آدمَ أو من دابة ظالمة وقيل لو أَهْلك الآباءَ لم يكن الأبناءُ فيلزم أنْ لا يكونَ في الأرض دابةٌ لِما أنها مخلوقةٌ لمنافعِ البشر لقوله سبحانه هُوَ الذى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الارض جَمِيعاً {ولكن} لا يؤاخذهم بذلك بل {يُؤَخِرُهُمْ إلى أَجَلٍ مسمى} لأعمارهم أو لعذابهم كي يتوالدوا أو يكثر عذابُهم {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ} المسمّى {لَا يَسْتَأْخِرُونَ} عن ذلك الأجلِ أي لا يتأخرون وصيغةُ الاستفعال للإشعار بعجزهم عنه مع طلبهم له {سَاعَةِ} فذّةً وهي مثَلٌ في قلة المدة {وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} أي لا يتقدمون وإنما تعرض لذكره مع أنه لا يتصور الاستقدام عند مجئ الأجلِ مبالغةً في بيان عدمِ الاستئخارِ بنظمه في سلك ما يمتنع كما في قوله تعالى وَلَيْسَتِ التوبة لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السيئات حتى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الموت قَالَ إِنّى تُبْتُ الآن ولا الذين يموت وَهُمْ كُفَّارٌ فإن من مات كافراً مع أنه لا توبةَ له رأساً قد نُظم في سِمْطِ من لم تُقبل توبته للإيذان فأنهما سيان في ذلك وقد مرَّ في تفسيرِ سورة يونس