{إن الله رَبّى وَرَبُّكُمْ فاعبدوه هذا صراط مُّسْتَقِيمٌ} فإنَّه الحقُّ الصريحُ الذي أجمع عليه الرسلُ قاطبةً فيكون آيةً بيِّنة على أنَّه عليه الصلاةُ والسلام من جملتهم وقرئ إِنَّ الله بالفتح بدلاً من آية أو قد جئتكم بآية على إن الله ربى وربكم وقولُه فاتقوا الله وَأَطِيعُونِ اعتراض والظاهرُ أنه تكريرٌ لما سبق أي قد جئتكم بآية بعد آية مما ذكرتُ لكم من خلق الطير وإبراءِ الأكمهِ والأبرصِ والإحياءِ والإنباءِ بالخفيات ومن غيره من ولادتي بغير أبٍ ومن كلامي في المهد ومن غير ذلك والأولُ لتمهيد الحجة والثاني لتقريبها إلى الحكم ولذلك رُتّب عليه بالفاءِ قولُه فاتقوا الله أي لِمَا جئتُكم بالمعجزات الباهرةُ والآياتِ الظاهرة فاتقوا الله في المخالفة وأطيعونِ فيما أدعوكم إليه ومعنى قراءةِ من فتح ولأن الله رَبّى وَرَبُّكُمْ فاعبدوه كقوله تعالى لإيلاف قُرَيْشٍ الخ ثم شرع في الدعوة وأشار إليها بالقول المجمل فقال إِنَّ الله رَبّى وَرَبُّكُمْ إشارةً إلى أن استكمالَ القوةِ النظريةِ بالاعتقاد الحقِّ الذي غايتُه التوحيدُ وقال فاعبدوه إشارةً إلى استكمال القوةِ العمليةِ فإنه يلازِمُ الطاعة التي هي الإتيانُ بالأوامر والانتهاءُ عن المناهي ثم قرر ذلك بأنْ بيَّن أنَّ الجمعَ بين الأمرين هو الطريقُ المشهودُ له بالاستقامة ونظيرُه قوله عليه الصلاة والسلام قُلْ آمَنْتُ بالله ثم اسْتَقِمْ