للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

{أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ} أي رقيبٌ مهيمنٌ {على كُلّ نَفْسٍ} كائنة من كانت {بِمَا كَسَبَتْ} منْ خَيرٍ أو شر لا يخفى عليه شيءٌ من ذلك بل يجازي كلاًّ بعمله وهو الله تعالى والخبرُ محذوفٌ أي كمن ليس كذلك إنكاراً لذلك وإدخالُ الفاء لتوجيه الإنكارِ إلى توهم المماثلة غبَّ ما عُلم مما فعل تعالى بالمستهزئين من الإملاء المديدِ والأخذ الشديد ومن كون الأمرِ كله لله تعالى وكونِ هداية الناس جميعاً منوطةً بمشيئته تعالى ومن تواتر القوارعِ على الكفرة إلى أن يأتيَ وعدُ الله كأنَّه قيل الأمرُ كذلك فمن هذا شأنُه كما ليس في عداد الأشياء حتى تُشركوه به فالإنكار متوجهٌ إلى ترتب المعطوفِ أعني توهّمَ المماثلة على المعطوف عليه المقدر أعني كونَ الأمر كما ذُكر كما في قولك أتعلم الحقَّ فلا تعملُ به لا إلى المعطوفَين جميعاً كما إذا قلت ألا تعلمه فلا تعملُ به وقوله تعالى {وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاء} جملةٌ مستقلة جيءَ بها للدِّلالةِ على الخبر أو حيالة أي أفمن هذه صفاتُه كما ليس كذلك وقد جعلوا له شركاءَ لا شريكاً واحداً أو معطوفةٌ على الخبر إن قدّر ما يصلح لذلك أي أفمن هذا شأنُه لم يوحّدوه وجعلوا له شركاءَ ووضع المظهر للتنصيص على وحدانيته ذاتاً واسماً وللتنبيه على اختصاصه باستحقاق العبادةِ مع ما فيه من البيان بعد الإبهام بإيراده موصولاً للدلالة على التفخيم وقوله تعالى {قُلْ سَمُّوهُمْ} تبكيتٌ لهم إثرَ تبكيتٍ أي سمُّوهم من هم وماذا أسماؤهم أو صِفوهم وانظروا هل لهم ما يستحقون به العبادة ويستأهلون الشِرْكة {أَمْ تُنَبّئُونَهُ} أي بل أَتُنَبّئُونَ الله {بِمَا لَا يَعْلَمُ فِى الأرض} أي بشركاءَ مستحقين للعبادة لا يعلمهم الله تعالى ولا يعزُب عنه مثقالُ ذَرَّةٍ في السموات والأرض وقرىء بالتخفيف {أَم بظاهر مّنَ القول} أي بل أتسمونهم بشركاء بظاهر من القول من غير أن يكون له معنى وحقيقةٌ كتسمية الزنجيّ كافوراً كقوله تعالى ذلك قَوْلُهُم بأفواههم وهاتيك الأساليبُ البديعة التي ورد عليها الآيةُ الكريمةُ مناديةٌ على أنها خارجةٌ عن قدرة البشر من كلام خلاقِ القُوى والقدَر فتبارك الله رب العالمين {بَلْ زُيّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ} وضْعُ الموصولِ موضِعَ المضمرِ ذماً لهم وتسجيلاً عليهم بالكفر {مَكْرِهِمْ} تمويهُهم الأباطيلَ أو كيدهم للإسلام بشركهم {وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ الله} أي سبيلِ الحق من صدّه صداً وقُرِىءَ بكسرِ الصَّادِ على نقل حركة الدالِ إليها وقرىء بفتحها أي صدوا الناس أو

<<  <  ج: ص:  >  >>