{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ} بيان لإخبار بعض الكافرين بنعم الله تعالى إثرَ بيانِ أحوال الشَّاكرينَ لها أي لأولاد سبأِ بن يشجبَ بن يعرب بن قحطان وقُرىء بمنع الصَّرفِ على أنه اسمُ القبيلةِ وقُرىء بقلب الهمزةِ ألفاً ولعله إخراجٌ لها بينَ بينَ {فِى مَسْكَنِهِمْ} وقُرىء بكسرِ الكافِ كالمسجِدِ وقُرىء بلفظ الجمعِ أي مواضع سُكناهم وهي باليمنِ يقال لها مَأْرِبُ بينها وبين صنعاءَ مسيرة ثلاث ليال آية دالَّة بملاحظه أحوالِها السَّابقةِ واللَاّحقةِ على وجود الصَّانعِ المُختار القادر على كلِّ ما يشاء من الأمور البديعة المُجازي للمحسنِ والمسيءِ معاضدةً للبرهان السَّابقِ كما في قصتي داودُ وسليمانُ عليهما السَّلامُ {جَنَّتَانِ} بدل من آيةً أو خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ أي هي جنتان وفيه معنى المدح ويُؤيِّدُه قراءةُ النَّصبِ على المدح والمرادُ بهما جماعتانِ من البساتين {عَن يَمِينٍ وشمال} جماعة يمينِ بلدِهم وجماعةٌ عن شمالِه كلِّ واحدةٍ من تَيْنكَ الجماعتينِ في تقاربِهما وتضامِّهما كأنَّهما جنَّةٌ واحدةٌ أو بستاناً كلُّ رجلٍ منهم عن يمين مسكنِه وعن شمالِه {كُلُواْ مِن رّزْقِ رَبّكُمْ واشكروا لَهُ} حكايةً لما قيلَ لهم على لسان نبيِّهم تكميلاً للنِّعمةِ وتذكيراً لحقوقِها أو لما نطقَ به لسانُ الحالِ أو بيان لكونهم أحقاء بأن يقال لهم ذلك {بَلْدَةٌ طَيّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} استئنافٌ مبيِّن لما يوجب الشُّكرَ المأمور به أي بلدتُكم بلدةٌ طيبةٌ وربكم الذي رزقكم مافيها من الطَّيباتِ وطلب منكم الشُّكرَ ربٌّ غفورٌ لفرطات مَن يشكره وقُرىء الكلُّ بالنَّصبِ على المدح قيل كان أطيبَ البلاد هواء واحصبها وكانتِ المرأةُ تخرج وعلى رأسها المِكْتلُ فتعمل بيديها وتسير فيما بين الأشجار فيمتلىءُ المِكْتَلُ مما يتساقطُ فيه من الثِّمارِ ولم يكن فيه من مؤذياتِ الهُوامِّ شيء