{أَنَا فتحنا لَكَ} فتحُ البلدِ عبارةٌ عن الظَّفرِ به عُنوةً أو صُلحاً بحِراب أو بدونِه فإنَّه ما لم يُظفرْ به منغلقٌ مأخوذٌ من فتحِ بابِ الدارِ وإسنادُه إلى نونِ العظمةِ لاستنادِ أفعالِ العبادِ إليه تعالى خلقاً وإيجاداً والمرادُ به فتحُ مكةَ شرَّفها الله وهو المرويُّ عن أنسٌ رضيَ الله عنه بُشّر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند انصرافه من الحديبيةِ والتعبيرُ عنه بصيغةِ الماضِي على سَنَنِ سائِر الأخبارِ الربانية لللإيذان بتحققهِ لا محالةَ تأكيداً للتبشيرِ كَما أنَّ تصديرَ الكلامِ بحرفِ التحقيقِ لذلكَ وفيه من الفخامةِ المنبئةِ عن عظمةِ شأنِ المخِبرِ جلَّ جلالُه وعزَّ سلطانِه ما لا يخفى وقيل هو ما أتيحَ له عليه الصلاة والسلام في تلك السنةِ من فتحِ خيبرَ وهو المرويُّ عن مجاهدٍ وقيل هو صلحُ الحديبيةِ فإنَّه وإن لم يكُن فيه حِرابٌ شديدٌ بل ترامٍ بين الفريقينِ بسهامٍ وحجارةٍ لكن لما كان الظهورُ للمسلمين حيثُ سألهم المشركون الصُّلحَ كان فتحاً بلا ريبَ ورُوي عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما رَمَوا المشركين حتى أدخلُوهم ديارهم وعن الكلى ظهرُواً عليهم حتى سألُوا الصُّلحَ وقد رُويَ أنه عليه الصلاةُ والسلامُ حين