{وَمِنَ الناس مَن يجادل فِى الله} هو أبُو جهلٍ بنُ هشامٍ حسبَما روي عن ابن عباس رضى الله عنهما وقيل هُو من يتصدَّى لإضلالِ النَّاسِ وإغوائِهم كائناً مَنْ كان كما أنَّ الأولَ من يُقلدهم على أنَّ الشَّيطانَ عبارةٌ عن المضلِّ المُغوي على الإطلاقِ {بِغَيْرِ عِلْمٍ} متعلقٌ بمحذوفٍ وقعَ حالاً من ضمير يجادلُ أي كائناً بغيرِ علم والمراد بالعلم العلم الضروري كماأن المرادَ بالهُدى في قوله قوله تعالى {وَلَا هُدًى} هو الاستدلالُ والنَّظرُ الصَّحيحُ الهادي إلى المعرفةِ {وَلَا كتاب مُّنِيرٍ} وحي مظهرٍ للحقِّ أي يجادل في شأنِه تعالى من غير تمسُّكٍ بمقدِّمةٍ ضروريةٍ ولا بحجَّةٍ نظريةٍ ولا ببرهانٍ سمعيَ كما في قوله تعالى وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سلطانا وماليس لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ وأما ما قيل من أن المراد به المجادلة الأوَّلُ والتَّكريرُ للتَّأكيدِ والتَّمهيدِ لما بعدَهُ من بيانِ أنه لاسند له من استدلالٍ أو وحيٍ فلا يُساعدُه النظمُ الكريمُ كيفَ لا وإنَّ وصفَه باتِّباعِ كلِّ شيطانٍ موصوفٍ بما ذُكر يُغني عن وصفِه بالعراءِ عن الدَّليلِ العقليِّ والسِّمعيِّ