{لا إِكْرَاهَ فِى الدين} جملة مستأنفة جاء بها إثرَ بيانِ تفرُّدِه سبحانه وتعالى بالشئون الجليلةِ الموجبةِ للإيمان به وحده إيذاناً بأن مِنْ حق العاقل أن لايحتاج إلى التكليف والإلزام بل يختارُ الدينَ الحقَّ من غير ترددٍ وتلعثم وقيل هو خبرٌ في معنى النهي أي لا تُكرِهوا في الدين فقيل منسوخٌ بقوله تعالى جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عَلَيْهِمْ وقيل خاصٌّ بأهل الكتاب حيث حصَّنوا أنفسَهم بأداءِ الجزية ورُوي أنه كان لأنصاريَ من بني سالمِ بنِ عوفٍ ابنان قد تنصّرا قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم ثم قدِما المدينة فلزِمهما أبوهما وقال والله لا أدَعُكما حتى تُسلما فأَبَيا فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت فخلاّهما
{قَد تَّبَيَّنَ الرشد مِنَ الغي} استئنافٌ تعليلي صُدّر بكلمة التحقيقِ لزيادة تقريرِ مضمونِه كما في قوله عز وجل قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنّى عُذْراً أي إذ قد تبين بما ذُكر من نعوته تعالى التي يمتنع توهُّمُ اشتراك غيرِه في شيء منهما الإيمانُ الذي هو الرشدُ الموصل إلى السعادة الأبدية من الكفر الذي هو الغيُّ المؤدي إلى الشقاوة السرمدية