{وَمِن قَوْمِ مُوسَى} كلامٌ مبتدأ لدفع ما عسى يُوهِمه تخصيصُ كَتْبِ الرحمة والتقوى والإيمان بالآيات بمتّبعي رسولِ الله صلى الله عليه وسلم من حِرمانِ أسلافِ قومِ موسى عليه السلام من كل خير وبيانِ أن كلَّهم ليسوا كما حُكيت أحوالُهم بل منهم {أُمَّةٌ يَهْدُونَ} أي الناسَ {بالحق} أي ملتبسين به أو يهدونهم بكلمة الحق {وَبِهِ} أي بالحق {يَعْدِلُونَ} أي في الأحكام الجاريةِ فيما بينهم وصيغةُ المضارعِ في الفعلين لحكاية الحالِ الماضيةِ وقيل هم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ويأباه أنه قد مر ذكرُهم فيما سلف وقيل إن بني إسرائيلَ لما بالغوا في العتُوّ والطغيان حتى اجترءوا على قتل الأنبياءِ عليهم السلام تبرّأ سِبطٌ منهم مما صنعوا واعتذروا وسألوا الله تعالى أن يفرِّق بينهم وبين أولئك الطاغين ففتح الله تعالى لهم نفقاً في الأرض فساروا فيه سنةً ونصفاً حتى خرجوا من وراء الصين وهم اليوم هنالك حنفاءُ مسلمون يستقبلون قِبلتَنا وقد ذكر عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم أنَّ جبريلَ عليهِ السَّلامُ ذهب به ليلة الإسراءِ نحوَهم فكلمهم فقال جبريلُ عليه السَّلامُ هل تعرِفونَ من تكلمون قالوا لا قال هذا محمد النبي الأمي فآمنوا به وقالوا يا رسولَ الله إنَّ موسى أوصانا مَنْ أدرك منكم أحمد غفليقرأ مني عليه السلام فرد محمد على موسى السلام عليهما السلامَ ثم أقرأهم عشرَ سورٍ من القرآن نزلت بمكة