{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ} شروعٌ في زجرهم عن متابعة الكفارِ ببيان استتباعِها لخسران الدنيا والآخرة إثرَ ترغيبِهم في الاقتداء بأنصار الأنبياء عليهم السلام ببيان إفضائه إلى فوزهم بسعادة الدارين وتصديرُ الخطابِ بالنداء والتنبيهِ لإظهار الاعتناءِ بما في حيِّزه ووصفُهم بالإيمان لتذكير حالِهم وتثبيتِهم عليها بإظهار مباينتِها لحال أعدائِهم كما أن وصفَ المنافقين بالكفر في قوله تعالى
{إِن تُطِيعُواْ الذين كَفَرُواْ} لذلك قصداً إلى مزيد التنفيرِ عنهم والتحذيرِ عن طاعتهم قال علي رضي الله عنه نزلت في قول المنافقين للمؤمنين عند الهزيمةِ ارجِعوا إلى إخوانكم وادخُلوا في دينهم فوقوعُ قوله تعالى
{يَرُدُّوكُمْ على أعقابكم} جواباً للشرط مع كونِه في قوَّةِ أنْ يقالَ إن تُطيعوهم في قولهم ارجِعوا إلى إخوانكم وادخُلوا في دينهم يدخلوكم في دينهم باعتبار كونه تمهيداً لقوله تعالى
{فَتَنقَلِبُواْ خاسرين} أي للدنيا والآخرة غير فائزين بشئ منهما واقعين في العذاب الخالدِ على أن الارتدادَ على العقب علم في انتكاس الأمرِ ومثَلٌ في الحور بعد الكور وقيل المراد بهم اليهودُ والنصارى حيث كانوا يستغوونهم ويُوقِعون لهم الشُّبَه في الدين ويقولون لو كان نبياً حقاً لما غُلب ولمَا أصابه وأصحابَه ما أصابهم وإنما هو رجلٌ حالُه كحال غيرِه من الناس يوماً عليه ويوماً له وقيل أبو سفيان وأصحابُه والمرادُ بطاعتهم استئمانُهم والاستكانةُ لهم وقيلَ الموصولُ على عمومِهِ والمعنى نهيُ المؤمنين عن طاعتهم في أمرٍ من الأمورِ حتى لا يستجرّوهم إلى الارتداد عن الدين