(أولئك) إشارةٌ إلى المذكورين في السورة الكريمة وما فيه من معنى البعد للإشارة بعلو رتبهم منزلَتهِم في الفضلِ وهو مبتدأٌ وقوله تعالى (الذين أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم) صفتُه أي أنعم عليهم بفنون النِعَم الدينيةِ والدنيويةِ حسبما أشير إليه مجملاً وقوله تعالى (مّنَ النبيين) بيان للموصول وقوله تعالى (مِن ذرية آدم) بدلٌ منه بإعادة الجارُّ ويجوز أن تكون كلمةُ من فيه للتبغيض لأن المنعَمُ عليهم أعمُّ من الأنبياء وأخصُّ من الذرية {وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} أي ومن ذرية مَنْ حملنا معه خصوصاً وهم مَنْ عدا إدريسَ عليه السلام فإن إبراهيمَ كان من ذرية سامِ بنِ نوح (وَمِن ذُرّيَّةِ إبراهيم) وهم الباقون (وإسرائيل) عطفٌ على إبراهيمُ أي ومن ذرية إسرائيلَ وكان منهم موسى وهرون وزكريا ويحيى وعيسى عليهم السلام وفيه دليلٌ على أنَّ أولادَ البناتِ من الذرية (وَمِمَّنْ هَدَيْنَا واجتبينا أي ومن جملة من هديناهم إلى الحق واجتبيناهم للنبوة والكرامة وقولُه تعالَى (إِذَا تتلى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرحمن خَرُّواْ سُجَّداً وَبُكِيّاً) خبر لأولتك ويجوز أن يكون الخبرُ هو الموصول وهذا استئنا فامسوقا لبيان حشيتهم من الله تعالى وإخباتِهم له مع حالهم من علوّ الرتبة وسموِّ الطبقة في شرف النسَب وكمالِ النفس والزُلفى من الله عز سلطانه وسجّداً وبُكياً حالان من ضمير خروا أي ساجدين باكين عنِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلم المو القرآن وابكُوا فإن لم تبكُوا فتباكوا والبُكِيُّ جمع باكٍ كالسُّجّد جمع ساجد وأصله بُكُويٌ فاجتمعت الواوُ والياء وسَبَقَتْ إحداهما بالسكون فقُلبت الواو ياءو أدغمت الياء في الباء وحُرّكت الكافُ بالكسر المجانس للياء وقرىء يُتلى بالياء التحتانيةِ لأن التأنيثَ غيرُ حقيقي وقرىء بِكِيّاً بكسر الباء للإتباع قالوا ينبغي أن يدعوَ الساجد في سجدته بما يليق بآيتها فههنا يقول اللهم اجعلني من عبادك المنعم عليهم المهدبين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك وفي آية الإسراء يقول اللهم اجعلني من الباكين إليك الخاشعين لك وفي آية التنزيل السجدة يقول اللهم اجعلني من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك من أن أكون من المستكبرين عن أمرك