{وَلَا يَحْزُنكَ} تلوينٌ للخطاب وتوجيهٌ له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لتشريفه بتخصيصه بالتسلية والإيذانِ بأصالته في تدبير أمورِ الدين والاهتمام بشئونه
{الذين يسارعون فى الكفر} أي يقعون فيه سريعاً لغاية حرصِهم عليه وشدةِ رَغبتِهم فيه وإيثارُ كلمةِ فِى على ما وقع في قولِه تعالى وَسَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ الآية للإشعار باستقرارهم في الكفر ودوام ملابستهم له في مبدأ المسارعة ومنتهاها كما في قوله تعالى أُوْلَئِكَ يسارعون فِى الخيرات فإن ذلك مؤذِنٌ بملابستهم للخيرات وتقلّبِهم في فنونها في طرفي المسارعةِ وتضاعيفِها وأما إيثار كلمة إلى في قوله تعالى وَسَارِعُواْ إلى مَغْفِرَةٍ مّن رَّبّكُمْ وَجَنَّةٍ الخ فلأن المغفرةَ والجنةَ منتهى المسارعةِ وغايتُها والمرادُ بالموصول المنافقون من المتخلفين وطائفةٌ من اليهود حسبما عُيِّن في قوله تعالى {يا أيها الرسول لَا يَحْزُنكَ الذين يُسَارِعُونَ فِى الكفر مِنَ الذين قالوا آمنا بأفواههم وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الذين هِادُواْ} وقيل قوم ارتدوا عن الإسلام والتعبيرُ عنهم بذلك للإشارة بما في حيِّزِ الصلة إلى مَظِنة وجودِ المنهيِّ عنه واعترائِه لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي لا يَحْزُنوك بمسارعتهم في الكفر ومبادرتِهم إلى تمشية أحكامِه ومُظاهرتِهم لأهله وتوجيهُ النهي إلى جهتهم مع ان المقصود نهيهِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ عن التأثر منهم للمبالغة في ذلك لما أن