{فَقَدْ كَذَّبُواْ} أي كذَّبوا بالذِّكرِ الذي يأتيهم تكذيباً صَريحاً مُقارناً للاستهزاءِ به ولم يكتفُوا بالإعراضِ عنه حيثُ جعلُوه تارة سحراً وأُخرى أساطيرَ وأُخرى شعراً والفاء في قوله تعالى {فَسَيَأْتِيهِمْ} لترتيبِ ما بعدها على ما قبلَها والسِّينُ لتأكيد مضمونِ الجملة وتقريرهِ أي فسيأتيهم البتةَ من غير تخلّفٍ أصلاً {أَنْبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يستهزؤون} عدلَ عمَّا يقتضيه سائرُ ما سلف من الإعراض والتَّكذيبِ للإيذان بأنَّهما كانا مقارنين للاستهزاءِ كما أشير إليه حسبما وقع في قوله تعالى وما تأتيهم من آيةٍ من آيات رَبّهِمْ إِلَاّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُواْ بالحق لَمَّا جَاءهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاء مَا كَانُواْ بِهِ يستهزؤن وأنباؤُه ما سيحيقُ بهم من العُقوبات العاجلةِ والآجلةِ عبر عنها بذاك إما لكونها مما نبأ أبها القُرآنُ الكريمُ وإمَّا لأنَّهم بمشاهدتِها يقفُون على حقيقةِ حالِ القُرآنِ كما يقفُون على الأحوالِ الخافيةِ عنهم باستماعِ الأنباءِ وفيه تهويلٌ له لأنَّ النَّبأَ لا يُطلق إلا على خبرٍ خطيرٍ له وقعٌ عظيمٌ أي فسيأتيهم لا محالةَ مصداق ما كانوا يستهزءون به قَبلُ مِنْ غير أنْ يتدَّبروا في أحوالِه ويقفوا عليها