{إِنَّمَا المؤمنون} جملةٌ مستأنفةٌ مَسوقةٌ لبيان مَنْ أريد بالمؤمنين بذكر أوصافِهم الجليلةِ المستتبِعةِ لما ذكر من الخِصال الثلاثِ وفيه مزيدُ ترغيبٍ لهم في الامتثال بالأوامر المذكورةِ أي إنَّما الكاملون في الإيمان المخلِصون فيه
{الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} أي فِزعت لمجرد ذكرِه من غير أن يُذكرَ هناك ما يوجب الفزَعَ من صفاته وأفعاله استعظاما لشأنه الجليلِ وتهيباً منه وقيل هو الرجلُ يُهمّ بمعصية فيقال له اتقِ الله فينزع عنها خوفها من عقابه وقرىء وجَلت بفتح الجيم وهي لغة وقرئ فرِقَتْ أي خافت
{وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ} أيَّ آيةٍ كانت
{زَادَتْهُمْ إيمانا} أي يقيناً وطُمأنينةَ نفسٍ فإن تظاهُرَ الأدلةِ وتعاضُدَ الحُججِ والبراهينِ موجبٌ لزيادة الاطمئنانِ وقوة اليقين وقيل إن نفسَ الإيمانِ لا يقبل الزيادةَ والنقصانَ وإنما زيادتُه باعتبار زيادةِ المؤمَنِ به فإنه كلما نزلت آية صدّق بها المؤمنُ فزاد إيمانه عددا وأما نفسُ الإيمان فهو بحاله وقيل باعتبار أن الأعمالَ تُجعل من الإيمان فيزيد بزيادتها والأصوبُ أن نفسَ التصديقِ يقبل القوةَ وهي التي عُبّر عنها بالزيادة للفرق النيّر بين يقينِ الأنبياءِ وأربابِ المكاشفات ويقينِ آحادِ الأمةِ وعليه مبنى ما قال علي رضي الله عنه لو كُشفَ الغطاءُ ما ازددتُ يقيناً وكذا بين ما قام عليه دليلٌ واحد وما قامت عليه أدلةٌ كثيرة
{وعلى رَبّهِمْ} مالكِهم ومدبرِ أمورِهم خاصة
{يَتَوَكَّلُونَ} يفوّضون أمورَهم لا إلى أحدٍ سواهُ والجملةُ معطوفةٌ على الصِّلةِ وقولُه تعالى