{وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ} شروعٌ فى بيان المُذبذبين إثرَ بيانِ حالِ المُجاهرين أي ومنهُم من يعبده تعالى على طَرَفٍ من الدِّين لاثبات له فيه كالَّذي ينحرفُ إلى طَرَفِ الجيشِ فإنْ أحسَّ بظَفَرٍ قَرَّ وإلا فَرَّ {فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ} أي دنيويٌّ من الصَّحَّةِ والسَّعةِ {اطمأن بِهِ} أي ثبتَ على ما كانَ عليه ظاهرا ألا أنَّه اطمأنَّ به اطمئنانَ المُؤمنينَ الذينَ لا يَلويهم عنه صارفٌ ولا يثنيهم عاطفٌ {وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ} أي شيءٌ يُفتتنُ به من مكروهٍ يعتريهِ في نفسِه أو أهلِه أو مالِه {انقلب على وَجْهِهِ} رُوِيَ أنَّها نزلتْ في أعاريبَ قدمُوا المدينةَ وكانَ أحدُهم إذَا صحَّ بدنُه ونُتجتْ فرسُه مُهراً سَرِيًّا وولدتِ امرأتُه ولداً سَويًّا وكثُر مالُه وماشيتُه قال ما أصبتُ منذُ دخلتُ في ديني هذا إلَاّ خَيْراً واطمأنَّ وإن كانَ الأمرُ بخلافِه قال ما أصبتُ إلَاّ شرًّا وانقلبَ وعن أبي سعيدٍ الخدريُّ رضيَ الله عنه إن يهُوديًّا أسلمَ فأصابتْهُ مصائبُ فتشاءَم بالإسلامِ فأتَى النبيَّ صلَّى الله عليهِ وسلم فقال أقلنى فقال صلى الله عليه وسلم إنَّ الإسلامَ لا يُقال فنزلت وقيل نزلت في المؤلَّفةِ قلوبُهم {خَسِرَ الدنيا والأخرة} فقدَهُما وضيَّعهما بذهابِ عصمتِه وحبوطِ عملِه بالارتدادِ وقُرىء خاسرَ بالنَّصبِ على الحالِ والرَّفعُ على الفاعليةِ ووضع موضع الضمير