{وَكَانُواْ يِقُولُونَ} لغايةِ عُتوِّهم وعنادهم {أئذا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وعظاما} أي كانَ بعضُ أجزائِنا من اللحمِ والجلدِ تراباً وبعضُها عظاماً نخرةً وتقديمُ التُّراب لعراقتِه في الاستبعادِ وانقلابِه من الأجزاءِ البادية وإذا متمحضة للظرفية والعاملُ فيها ما دل عليه قوله تعالى {أئنا لمبعوثون} لانفسه لأن مَا بعد أنَّ واللامِ والهمزةِ لا يعملُ فيما قبلَها وهو نُبعثُ وهو المرجِعُ للإنكارِ وتقييدُه بالوقتِ المذكورِ ليس لتخصيصِ إنكارِه به فإنَّهم منكرِون للإحياءِ بعدَ الموتِ وإنْ كانَ البدنُ على حالِه بل لتقويةِ الإنكارِ للبعثِ بتوجيهه إليه في حالةٍ منافيةٍ له بالكليةِ وتكريرُ الهمزةِ لتأكيدِ النكيرِ وتحليةُ الجملةِ بأنَّ لتأكيدِ الإنكارِ لا لإنكارِ التأكيدِ كما عسى يُتوَّهم من ظاهرُ النظمِ فإنَّ تقديمَ الهمزةِ لاقتضائِها الصدارةَ كما في مثل قوله أَفَلَا تَعْقِلُونَ على رأي الجمهورِ فإن المعنى عندهم تعقيبُ الإنكارِ لا إنكارُ التعقيبِ كما هو المشهورُ وليس مدارُ إنكارِهم كونَهم ثابتينَ في المبعوثية بالفعل في حال كونِهم تراباً وعظاما بل كولهم بعَرَضية ذلك واستعدادِهم له ومرجعُه إلى إنكارِ البعثِ بعد تلك الحالةِ وفيه من الدِلالة على غلوهم في الكفر وتماديهم في الضلال مالا مزيدَ عليه وتكريرُ الهمزةِ في قولِه تعالى