{قُلْ إِنّى نُهِيتُ} أُمر صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى مخاطبة المُصِرّين على الشرك إثرَ ما أُمر بمعاملة مَنْ عداهُم من أهلِ الإنذار والتبشيرِ بما يليق بحالهم أي قل لهم قطعاً لأطماعهم الفارغة عن ركونه صلى الله عليه وسلم إليهم وبياناً لكون ما هم عليه من الدين هوىً محضاً وضلالاً بحتاً إني صُرفتُ وزُجِرْت بما نُصب لي من الأدلة وأُنزل علي من الآيات في أمر التوحيد {أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ} أي عن عبادة ما تعبدونه {مِن دُونِ الله} كائناً ما كان {قُلْ} كَرر الأمرَ مع قرب العهد اعتناء بشأن المأمور به أو غيذانا باختلاف المَقولَيْن من حيث إن الأولَ حكايةٌ لِما منْ جهتِه تعالَى منْ النهي والثاني حكايةٌ لما من جهته صلى الله عليه وسلم من الانتهاء عما ذُكر من عبادة ما يعبدونه وإنما قيل {لَاّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ} استجهالاً لهم وتنصيصاً على أنهم فيما هم فيه تابعون لأهواءَ باطلةٍ وليسوا على شيء مما ينطلق عليه الدين أصلاً وإشعاراً بما يوجب النهيَ والانتهاءَ وقوله تعالى {قَدْ ضَلَلْتُ إِذاً} استئنافٌ مؤكِّد لانتهائه عما نهي عنه مقرِّر لكونهم في غاية الضلال والغَواية أي إن اتبعتُ أهواءكم فقد ضللت وقولُه تعالَى {وَمَا أَنَاْ مِنَ المهتدين} عطفٌ على ما قبله والعدولُ إلى الجُملةِ الاسميَّةِ للدلالة على الدوام والاستمرار رأي دوامِ النفْي واستمرارِه لا نفْيِ الدوام والاستمرار كما مرَّ مراراً أي ما أنا في شيء من الهدى حين أكون في عِدادهم وقوله تعالى