{كذلك نَقُصُّ عَلَيْكَ} كلامٌ مستأنفٌ خوطب به النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم بطريق الوعدِ الجميل بتنزيل أمثالِ ما مر من أنباء الأممِ السالفة وذلك إشارةٌ إلى اقتصاص حديثِ موسى عليه السلام وما فيه من معنى البعد للإيذان بعلو رتبتِه وبُعدِ منزلتِه في الفضل ومحلُّ الكافِ النصبُ على أنه نعت لمصدر مقدر أي نقصُّ عليك {من أنباء مَا قَدْ سَبَقَ} من الحوادث الماضيةِ الجارية على الأمم الخاليةِ قصًّا مثلَ ذلك القَصِّ المارِّ والتقديمُ للقصر المفيدِ لزيادة التعيين ومِنْ في قولِه تعالَى مِنْ أَنْبَاء في حيز النصبِ إما على أنه مفعول نقص باعتبار مضمونه وإما على أنه متعلقٌ بمحذوفٍ هو صفةٌ للمفعول كما في قوله تعالى وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ أي جمْعٌ دون ذلك والمعنى نقص عليك بعض من أنباء ما قد سبق أو بعضاً كائناً من أنباء ما قد سبق وقد مرَّ تحقيقُه في تفسير قوله تعالى وَمِنَ الناس مَن يَقُولُ الخ وتأخيرُه عن عليك لما مر مرارا من الاعتناء بالمقدم والتشويق إلى المؤخر أي مثلَ ذلك القصِّ البديعِ الذي سمِعتَه نقصّ عليك ما ذكر من الأنباء لا قصًّا ناقصاً عنه تبصِرةً لك وتوفير لعلمك وتكثيرا لمعجزاتك وتذكر للمستبصرين من أمتك {وَقَدْ اتيناك مِن لَّدُنَّا ذِكْراً} أي كتاباً منطوياً على هذه الأقاصيص والأخبار حقيقا بالتفكر والاعتبار وكلمةُ مِنْ متعلقةٌ بآتيناك وتنكير ذكر للتفخيم وتأخيرِه عن الجارّ والمجرور لما أن مرجِعَ الإفادةِ في الجملة كونُ المؤتى من لدنه تعالى ذكراً عظيماً وقرآناً كريماً جامعاً لكل كمالٍ لا كون ذلك الذكر مؤتى من لَدْنه عزَّ وجلَّ مع ما فيه من نوع طول بما بعده من