{وَعُرِضُواْ على رَبّكَ} شُبّهت حالُهم بحال جندٍ عُرضوا على السلطان ليأمُر فيهم بما يأمُر وفي الالتفات إلى الغَيبة وبناءِ الفعل للمفعول مع التعرض لعنوان الربوبيةِ والإضافةِ إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من تربية المهابةِ والجَرْيِ على سَنن الكِبرياء وإظهار اللطف به صلى الله عليه وسلم ما لا يخفى {صَفَّا} أي غيرَ متفرِّقين ولا مختلِطين فلا تعرّض فيه لوَحدة الصفِّ وتعدّدِه وقد ورد في الحديث الصحيح يجمع الله الأولين والآخِرين في صعيد واحد صُفوفاً {لَّقَدْ جِئْتُمُونَا} على إضمار القولِ على وجه يكون حالاً من ضمير عُرضوا أي مقولة لهم أو وقلنا لهم وأما كونُه عاملاً في يومَ نسيّر كما قيل فبعيدٌ من جزالة التنزيلِ الجليلِ كيف لا ويلزم منه أن هذا القولَ هو المقصودُ بالأصالة دون سائر القوارعِ مع أنه خاصُّ التعلق بما قبله من العَرض والحشر دون تسييرِ الجبال وبروزِ الأرض {كَمَا خلقناكم} نعتٌ لمصدر مقدّرٍ أي مجيئاً كائناً مجيئكم عند خلْقِنا لكم {أَوَّلَ مرة} أوحال من ضمير جئتمونا أي كائنين كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ حُفاةً عُراة غُرْلاً أو ما معكم شيءٌ مما تفتخرون به من الأموال والأنصار كقوله تعالى {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا} فرادى {كَمَا خلقناكم أَوَّلَ مَرَّةٍ} وَتَرَكْتُمْ مَّا خولناكم وَرَاء ظُهُورِكُمْ {بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِدًا} إضرابٌ وانتقالٌ من كلام إلى كلام كلاهما للتوبيخ