{فَلَمَّا اعتزلهم وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} بالمهاجرة إلى الشام {وَهَبْنَا لَهُ إسحاق وَيَعْقُوبَ} بدلَ مَنْ فارقهم من أقربائه الكفرة لكن لا عَقيبَ المهاجرة فإن المشهورَ أن الموهوبَ حينئذ إسماعيلُ عليه السلام لقوله تعالى فبشرناه بغلام حَلِيمٍ إثرَ دعائِه بقولِه {رَبّ هَبْ لِى مِن الصالحين} ولعل ترتيبَ هِبتهما على اعتزاله ههنا لبيان كمالِ عِظَم النّعم التي أعطاها الله تعالى إياه بمقابلة مَن اعتزلهم من الأهل والأقرباء فإنها شجرتا الأنبياء لهما أولادٌ وأحفادٌ أوُلو شأنٍ خطير وذو عدد كثير هذا وقد رُوي أنه عليه السلام لما قصد الشام أتى أولاً حَرّان وتزوج بسارة وولدت له إسحق وولد لإسحق يعقوبُ والأولُ هو الأقربُ الأظهر {وَكُلاًّ} أي كلُّ واحدٍ منهما أو منهم وهو مفعولٌ أولٌ لقوله تعالى {جعلنا نبيا} قدم عليه للتخصيص لكن لا بالنسبة إلى من عداهم بل بالنسبة إلى بعضهم أي كلُّ واحد منهم جعلنا نَبِيّاً لا بعضَهم دون بعض