{إِنَّ رَبَّكُمُ الله الذى خلق السماوات والأرض فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ} شروعٌ في بيان مبدأ الفطرةِ إثرَ بيانِ معادِ الكفَرة أي إن خالقَكم ومالككم الذي خالق الأجرامَ العلوية والسفليةَ في ستة أوقات كقوله تعالى وَمَن يُوَلّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ أو في مقدار ستةِ أيامٍ فإن المتعارفَ أن اليومَ زمانُ طلوعِ الشمسِ إلى غروبها ولم تكن هي حينئذ وفي خلق الأشياء مدرجاً مع القدرة على إبداعها دفعة دليل على الاختيار واعتبار للنظار وحث على التأني في الأمور {ثُمَّ استوى عَلَى العرش} أي استوى أمرُه واستولى وعن أصحابنا أن الاستواء على العرش صفة لله تعالى بلا كيف والمعنى أنه تعالى استوى على العرش على الوجه الذي عناه منزهاً عن الاستقرار والتمكن والعرشُ الجسم المحيط بسائر الأجسام سمي به لارتفاعه أو للتشبيه بسرير الملِك فإن الأمورَ والتدابير تنزِل منه وقيل الملك {يَغْشَى اللَّيْلَ النَّهَارَ} أي يغطّيه به ولم يُذكر العكسُ للعلم به أو لأن اللفظَ يحتملهما ولذلك قرىء بنصب الليلَ ورفع النهار وقرىء بالتشديد للدلالة على التكرار {يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} أي يعقُبه سريعاً كالطالب له لا يفصل بينهما شيء والحثيثُ فعيل من الحث وهو صفةُ مصدرٍ محذوفٍ أو حالٌ من الفاعلِ أو من المفعول بمعنى حاثاً أو محثوثاً {والشمس والقمر والنجوم مسخرات بِأَمْرِهِ} أي خلقهن حال كونهِن مسخراتٍ بقضائه وتصريفِه وقرىء كلُّها بالرفع على