{لاعَذّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً} قيلَ كان تعذيبُه للطيرِ بنتفِ ريشه وتشميسه وقيل يجعله مع ضده في قفص وقيل بالتفريق بينه وبين إلفِه {أَوْ لَاذْبَحَنَّهُ} ليعتبرَ به أبناءُ جنسهِ {أَوْ لَيَأْتِيَنّى بسلطان مُّبِينٍ} بحجَّةٍ تبينُ عذرَهُ والحَلِفُ في الحقيقةِ على أحدِ الأَولينِ على تقديرِ عدمِ الثَّالث وقرئ ليأتينَّنِي بنونينِ أولاهُما مفتوحةٌ مشددةٌ قيلَ إنَّه عليه الصلاةُ والسَّلامُ لما أتمَّ بناء بيتَ المقدسِ تجهَّز للحجِّ بحشرهِ فَوَافى الحرِمَ وأقامَ به ما شاء وكان يقرِّب كلَّ يومٍ طولَ مقامِه خمسةَ آلافِ ناقةٍ وخمسةَ آلافِ بقرةٍ وعشرينَ ألفَ شاةٍ ثم عزمَ على السير إلى اليمنِ فخرج من مكةَ صباحاً يؤمُّ سُهَيلاً فوافى صنعاءَ وقتَ الزَّوالِ وذلكَ مسيرةَ شهرٍ فرأى أرضاً حسناءَ أعجبته خضرتها فنزل ليتغذى ويصلِّي فلم يجد الماءَ وكان الهدهد قناقنه وكان يَرَى الماءَ من تحتِ الأرضِ كما يَرَى الماء في الزجاجة فيجئ الشياطينُ فيسلخونَها كما يُسلخُ الأهابُ ويستخرجون الماءَ فتفقَّده لذلك وقد كانَ حين نزل سليمان عليه السلام حلَّق الهدهُد فرأى هدهداً واقعاً فانحطَّ إليه فوصفَ له ملكَ سليمانَ عليه السَّلام وما سخر له من كلِّ شيءٍ وذكر له صاحبُه ملكَ بلقيسَ وأنَّ تحت يدِها اثني عشرَ ألفَ قائدٍ تحت يد كلِّ قائدٍ مائةُ ألفٍ وذهبَ معه لينظرَ فما رجع إلا بعدَ العصرِ وذلك قوله تعالى