{يَغْفِرُواْ} عليهِ فإنَّه جوابٌ للأمرِ باعتبارِ تعلقهِ به لا باعتبارِ نفسِه فقطْ أي قُلْ لهم اغفِروا يغفروا
{لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ الله} أي يعفُوا ويصفحوا عنِ الذينَ لا يتوقعونَ وقائعَهُ تعالى بأعدائِه من قولِهم أيامُ العربِ لوقائِعها وقيلَ لا يأملون الأوقاتَ التي وقَّتها الله تعالى لثوابِ المؤمنينَ ووعدهم الفوزَ فيها قيلَ نزلتْ قبلَ آيةِ القتالِ ثمَّ نُسختْ بها وقيلَ نزلتْ في عمر رضي الله عنه حينَ شتمَهُ غفاريٌّ فهَّم أنْ يبطشَ بهِ وقيلَ حينَ قالَ ابنُ أُبيِّ ما قالَ وذلكَ أنَّهم نزلُوا في غزوةِ بني المصطلِقِ على بئرٍ يقالُ لها المريسيع فأرسلَ ابنُ أُبيَ غلامَهُ يستَقي فأبطأَ عليهِ فلمَّا أتاهُ قالَ له ما حسبك قال غلامُ عمرَ قعدَ على طرفِ البئرِ فما تركَ أحداً يستَقي حتى ملأ قرب النبيِّ صلَّى الله عليهِ وسلم وقُرَبَ أبي بكرٍ فقالَ ابنُ أُبيَ ما مثلُنا ومثلُ هؤلاءِ إلا كَما قيلَ سمِّنْ كلْبكَ يأكلْكَ فبلغَ ذلكَ عمرَ رضيَ الله عنه فاشتملَ سيفَهُ يريدُ التوجَه إليهِ فأنزلَها الله تعالَى
{لِيَجْزِىَ قَوْماً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} تعليلٌ للأمرِ بالمغفرةِ والمرادُ بالقومِ المؤمنونَ والتنكيرِ لمدحِهم والثناءِ عليهم أي أُمروا بذلكَ ليجزيَ يومَ القيامةِ قوماً أيَّما قومٍ قوماً مخصوصينَ بما كسبوا في الدُّنيا من الأعمالِ الحسنةِ التي من جُملتها الصبرُ على أذيةِ الكفارِ والإغضاءُ عنهم بكظمِ الغيظِ واحتمالِ المكروهِ ما يقصُر عنه البيانُ من الثوابِ العظيمِ هذا وقد جوِّز أن يراد بالقومِ الكفرةُ وبما كانُوا يكسبونَ سيئاتُهم التي من جُملتها ما حُكِيَ من الكلمةِ الخبيثةِ والتنكيرُ للتحقيرِ وفيهِ أنَّ مطلقَ الجزاءِ لا يصلحُ تعليلاً للأمرِ بالمغفرةِ لتحققِه على تقديريْ المغفرةِ وعدمِها فلا بُدَّ من تخصيصِه بالكلِّ بأنْ لا يتحققَ بعضٌ منه في الدُّنيا أو بما يصدرُ عنه تعالى بالذاتِ وفي ذلكَ من التكلفِ مالا