{لَاّ يَسَّمَّعُونَ إلى الملإ الاعلى} كلامٌ مبتدأٌ مسوقٌ لبيان حالهم بعد بيانِ حفظ السماء عنهم مع التَّنبيهِ على كيفيةِ الحفظِ وما يعتريهم في أثناء ذلك من العذابِ ولا سبيلَ إلى جعلهِ صفةً لكلِّ شيطانٍ ولا جواباً عن سؤال مقدَّرٍ لعدمِ استقامةِ المعنى ولا علَّةً للحفظِ على أن يكونَ الأصلُ لئلَاّ يسمعُوا فحُذفتِ اللَاّمُ كما حُذفتْ من قولك جئتُك أنْ تكرمني فبقيَ أنْ لا يسمعُوا ثم بحذف أنْ ويُهدرُ عملُها كما في قول من قالَ أَلَا أيُّهذا الزَّاجِريْ أحضر الوَغَى لما أنَّ كلَّ واحدٍ من ذينكَ الحذفينِ غيرُ منكرٍ بانفرادِه فأمَّا اجتماعُهما فمنْ أنكرِ المنكرات التي يجبُ تنزيهُ ساحةِ التنزيلِ الجليلِ عن أمثالها وأصل يسمعون يتسمعون والملأالأ الأعلى الملائكةُ وعن ابن عباس رضي الله عنهما هم الكَتَبةُ وعنه أشرافُ الملائكةِ عليهم الصلاة والسلام أي لا يتطلَّبون السَّماعَ والإصغاء إليهم وقرئ يسمعُون بالتَّخفيفِ {وَيَقْذِفُونَ} يُرمَون {مِن كُلّ جَانِبٍ} من جميع جوانبِ السَّماءِ إذا قصدوا الصُّعودَ إليها