{فَقَالُواْ} عطفٌ على استكبرُوا وما بينهما اعتراض مقرر للاستكبارِ أي كانُوا قوماً عادتُهم الاستكبارُ والتَّمرد أي قالُوا فيما بينهم بطريقِ المُناصحةِ {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} ثَنَّى البشرَ لأنَّه يُطلقُ على الواحد كقوله تعالى بشرا سويا كما يُطلقُ على الجمعِ كما في قوله تعالى فأما تَرَيِنَّ مِنَ البشر أَحَداً ولم يثنِّ المِثْلَ نظراً إلى كونِه في حكمِ المصدرِ وهذه القصصُ كما نرى تدلُّ على أنَّ مدار شُبَه المُنكرين للنُّبوةِ قياسُ حالِ الأنبياءِ على أحوالِهم بناءً على جهلِهم بتفاصيلِ شؤونِ الحقيقةِ البشريَّةِ وتباينِ طبقاتِ أفرادِها في مراقي الكمالِ ومَهَاوي النُّقصانِ بحيثُ يكونُ بعضُها في أعلى عِلّيين وهم المختصُّون بالنُّفوس الزَّكيَّةِ المؤيِّدونَ بالقُوَّة القدسيةِ المتعلِّقون لصفاءِ جواهرِهم بكِلا العالمينِ الرُّوحانيِّ والجُسمانيِّ يتلقَون من جانبٍ ويلقون إلى جانب ولا يعوقهم التلق بمصالح الخلقِ عن التبتل إلى جنابِ الحقِّ وبعضُها في أسفلِ سافلينَ كأولئك الجَهَلة الذين هم كالأنعامِ بل هم أصل سبيلاً {وَقَوْمُهُمَا} يعنون بني إسرائيلَ {لَنَا عابدون} أي خادمون مُنقادون لنا كالعبيدِ وكأنَّهم قصدُوا بذلك التَّعريضَ بشأنِهما عليهما الصَّلاةُ والسَّلامُ وخطر تبتهما العليَّةِ عن منصب الرِّسالةِ من وجهٍ آخرَ غيرِ البشريَّةِ واللامُ في لنا متعلقة بعابدون قدمت عليه رعايةً للفواصلِ والجملةُ حالٌ من فاعلِ نُؤمنُ مؤكِّدةٌ لإنكارِ الإيمانِ لهما بناءً على زعمهم الفاسدِ المُؤَسَّسِ على قياسِ الرِّياسةِ الدِّينيةِ على الرِّياساتِ الدُّنيويَّةِ الدَّائرةِ على التَّقدُّمِ في نيل الحظوظ