{يَا أَيُّهَا الذينَ آمَنُواْ لا تسألوا عن أشياء} هو اسمُ جمعٍ على رأي الخليل وسيبويه وجمهور البصريين كطرفاء وقصباء أصله شيآه بهمزتين بينهما ألف فقُلبت الكلمة بتقديم لامها على فائها فصار وزنها لفعاء ومُنعت الصرفَ لألف التأنيث الممدودة وقيل هو جمع شيْء على أنه مخفف من شيء كهَيْنٍ مخففٌ من هيِّن والأصل أشيئاه كأهوناء بزنة أفعِلاء فاجتمعت همزتان لام الكلمة والتي للتأنيث إذ الألف كالهمزة فخففت الكلمة بأن قلبت الهمزة الأولى ياءً لانكسار ما قبلها فصارت أشيياء فاجتمعت ياءان أولاهما عين الكلمة فحذفت تخفيفا فصارت أشياء وزنها أفلاء ومُنعت الصرفَ لألف التأنيث وقيل إنما حذفت من أشيِياءَ الياءُ المنقلبةُ من الهمزة التي هي لام الكلمة وفتحت الياء المقصورة لتسلم ألف الجمع فوزنها أفعاء وقوله تعالى {إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} صفةٌ لأشياء داعيةٌ إلى الانتهاء عن السؤال نها وحيث كانت المَساءةُ في هذه الشرطية معلقةً بإبدائها لا بالسؤال عنها عُقّبت بشرطية أخرى ناطقةٍ باستلزام السؤال عنها لإبدائها الموجِبِ للمحظور قطعاً فقيل {وإِن تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ ينزلُ القُرْآن تُبْدَ لَكُم} أي تلك الأشياء الموجِبة للمَساءة بالوحي كما ينبىء عنه تقييدُ السؤال بحينِ التنزيل والمراد بها ما يشُق عليهم ويغمُهم من التكاليف الصعبة التي لا يطيقون بها والأسرارِ الخفية التي يفتضحون بها بظهورها ونحوُ ذلكَ مما لا خيرَ فيه فكما أن السؤال عن الأمور الواقعة مستَتْبِعٌ لإبدائها كذلك السؤالُ عن تلك التكاليف مستتبعٌ لإيجابها عليهم بطريق التشديد لإساءتهم الأدب واجترائِهم على المسألة والمراجعة وتجاوزِهم عما يليق بشأنهم من الاستسلام لأمرِ الله عزَّ وجلَّ من غير بحث فيه ولا تعرّضٍ لكيفيته وكمِّيته أي لا تُكثروا مُساءلةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عما لا يَعْنيكم من نحو تكاليف شاقة وعليكم إن أفتاكم بها وكلفكم إياها حسبما أُوحيَ إليه ولم تطيقوا بها نحو بعضِ أمورٍ مستورة تكرهون بروزها وذلك ما رُوي عن عليَ رضيَ الله عنه أنَّه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمِد الله تعالى وأثنى عليه ثمَّ قالَ إنَّ الله تعالى كتَب عليكم الحجَّ فقام رجل من بني أسدٍ يقال لهُ عكاشة ابن محسن وقيل هو سُراقة بنُ مالك فقال أفي كل عامٍ يا رسول الله فأعرضَ عنه حتى أعاد مسألتَه ثلاثَ مرات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك وما يُؤْمِنُك أن اقول نعم لوجبت ولو وجبتْ ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم فاترُكوني ما تركتكم فإنما هلَك من كان قبلَكم بكثرة سؤالِهم واختلافِهم على أنبيائهم فإذا أمرتُكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم وإذا نهيتُكم عن شيء فاجتنبوه ومِثلُ ما رُوي عن أنسٍ وأبي هريرة رضي الله عنهما أنه سأل الناسُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياءَ حتى أحفَوْه في المسألة فقام صلى الله عليه وسلم مغضبا خطيبا