{وَإِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍ مّمَّا نَزَّلْنَا على عَبْدِنَا} شروع في تحقيق أن الكتابَ الكريم الذي من جُملته ما تلي من الآيتين الكريمتين الناطقتين بوجوب العبادةِ والتوحيدِ منزلٌ من عندِ الله عزَّ وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم كما أن ما ذكر فيهما من الآياتِ التكوينيةِ الدالةِ على ذلك صادرة عنه تعالى لتوضيح اتصافِه بما ذكر في مطلَعِ السورةِ الشريفة من النعوتِ الجليلةِ التي من جملتها نزاهتُه عن أن يعتريَه ريبٌ ما والتعبيرُ عن اعتقادِهم في حقه بالريب مع أنهم جازمون بكونه من كلام البشر كما يُعرب عنه قوله تعالى إِن كُنتُمْ صادقين إما للإيذان بأن أقصى ما يمكن صدورُه عنهم وإن كانوا في غايةِ ما يكونُ من المكابرة والعِناد هو الارتيابُ في شأنه وأما الجزمُ المذكورُ فخارجٌ من دائرة الاحتمال كما أن تنكيرَه وتصديرَه بكلمة الشكِّ للإشعار بأن حقَّه أن يكون ضعيفاً مشكوكَ الوقوع وإما للتنبيه على أن جزمَهم ذلك بمنزلة الريب الضعيف لكمالِ وضوحِ دلائلِ الإعجازِ ونهايةِ قوتِها وإنما لم يقل وإن ارتبتم فما نزلنا الخ لما أُشيرَ إليهِ فيما سَلَف من المبالغة في تنزيهُ ساحةِ التنزيلِ عن شائبة وقوعِ الريب فيه حسْبما نطَق به قولُه تعالَى لَا رَيْبَ فِيهِ والإشعار بأن ذلك إنْ وقع فمن جهتهم لا من جهته العاليةِ واعتبارُ استقرارِهم فيه وإحاطتُه بهم لا ينافي اعتبارَ ضعفِه وقِلته لما أن ما يقتضيه ذلك هو دوامُ ملابستهم به لا قوته وكثرته ومن في مما ابتدائيةٌ متعلقةٌ بمحذوفٍ وقع صفة لريب وحملُها على السببية ربما يوهمُ كونَه محلاً للريب في الجملة وحاشاه ذلك وما موصولةً كانت أو موصوفة عبارةٌ عن الكتاب الكريم لا عن القدر المشتركِ بينه وبين ابعاضه ليس معنى كونِهم