{الذين عاهدت مِنْهُمْ} بدلٌ من الموصولِ الأولِ أو عطف بيان له أو نصبٌ على الذم أي عاهدتَهم ومِنْ للإيذان بأن المعاهدَة التي هي عبارةٌ عن إعطاء العهدِ وأخذه من الجانبين معتبرة ههنا من حيث أخذه صلى الله عليه وسلم عهدَهم إذ هو المناطُ لقباحة مانعي عليهم من النقض لا إعطاؤه صلى الله عليه وسلم إياهم عهدَه كأنه قيل الذين أخذت منهم عهدَهم وقيل هي للتبعيض لأن المباشِرَ بالذات للعهد بعضُهم لا كلُّهم
{ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ} عطفٌ على عاهدتَ داخل معه في حكم الصلةِ وصيغةُ الاستقبالِ للدِلالة على تجدّد النقضِ وتعدُّدِه وكونِهم على نيته في كل حالٍ أي ينقضون عهدَهم الذي أخذتَه منهم
{فِي كُلّ مَرَّةٍ} أي من مرات المعاهدةِ إذ هي التي يُتوقعُ فيها عدمُ النقضِ ويُستقبح وجودُه لا من مرات المحاربة كما قيلَ إذْ لا يتوقع فيها عدم النقض بل لا يُتصور أصلاً حتى يُستقبَح فيها وجودُه لكونها مَظِنةً لعدمه فلا فائدةَ في تقييد النقضِ بالوقوع في كل مرةٍ من مراتها بل لا صِحةَ له قطعاً لأن النقضَ لا يتحقق إلا في المرة الواردةِ على المعاهدة لا في المرات الواقعةِ بعدها بلا معاهدة ولئن سلم أن المرادَ هي المراتُ الواقعةُ إثرَ المعاهدةِ يبقى النقضُ الواقعُ بلا محاربةٍ كبيع السلاحِ ونحوه خارجاً من البيان ولئن عُدّ ذلك من المحاربة فلا محيصَ من لزوم خلوِّ الكلامِ عن الفائدة بالمرة لأن المحاربةَ بهذا المعنى عينُ النقضِ فيؤولُ الأمرُ إلى أن يقال ينقضون عهدَهم في كل مرة من مرات النقض وحملُ المحاربةِ على محاربة غيرهِم ليكونَ المعنى ينقضون عهدَهم في كل مرة من مرات محاربة الأعداءِ مع كونِه في غايةِ البُعد والركاكة يستلزِمُ خروجَ بدئِهم بالنقض من البيان
{وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ} حالٌ من فاعل ينقضون أي يستمرون على النقض والحالُ أنهم لا يتقون سُبّةَ الغدرِ ولا يبالون بما فيه من العار والنار وقوله تعالى