كأنهم يوم يرونها لم يَلْبَثُواْ إِلَاّ عَشِيَّةً أَوْ ضحاها
إما تقريرٌ وتأكيدٌ لما ينبىءُ عنه الإنذارُ من سرعة مجيءِ المُنذَر بهِ لا سيَّما على الوجهِ الثَّانِي أيْ كأنَّهم يوم يرونها لم يلبثوا بعد الإنذار بها إلا عشيةَ يومٍ واحدٍ أو ضحاهُ فلما تُركَ اليومُ أضيفَ ضُحاه إلى عشيتِه وإمَّا ردٌّ لمَا أدمجُوه في سؤالِهم فإنَّهم كانُوا يسألونَ عنها بطريق الاستبطاءِ مستعجلينَ بها وإنْ كانَ على نهجِ الاستهزاءِ بهَا وَيَقُولُونَ متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صادقين فالمَعْنى كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا بعدَ الوعيدِ تحقيقاً للإنذارِ وردًّا لاستبطائِهم والجملةُ على الأولِ حالٌ من الموصولِ فإنَّه على تقديرَيْ الإضافةِ وعدمِها مفعولٌ لمنذرُ كما أنَّ قولَه تعالى كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلَاّ سَاعَةً مّنَ النهار حالٌ من ضميرِ المفعولِ في يحشرُهم أي يحشرهم مشبيهن بمن لم يلبثْ في الدُّنيا إلا ساعةً خلا أن الشبهَ هناكَ في الأحوالِ الظاهرةِ من الزيِّ والهيئةِ وفيمَا نحنُ فيه في الاعتقاد كأنَّه قيلَ تنذرُهم مشبهينَ يومَ يَرَونها في الاعتقادِ بمن لم يلبثْ بعد الإنذارِ بها إلا تلك المدةَ اليسيرةَ وعلى الثانِي مستأنفةٌ لا محلَّ لها من الإعرابِ عن رسول الله صلى الله عليهِ وسلَّم مَنْ قرأَ سورة النازعات كانَ ممن حبسَهُ الله عزَّ وجلَّ في القبرِ والقيامةِ حتى يدخلَ الجنةَ قدرَ صلاةٍ مكتوبةٍ والله أعلم