{قُلْ نَزَّلَهُ} أي القرآنَ المدلول عليه بالآية {رُوحُ القدس} يعني جبريلُ عليه السلام أي الروحُ المطهّر من الأدناس البشرية وإضافةُ الروحِ إلى القدس وهو الطُهْرُ كإضافة حاتم إلى الجود حيث قيل حاتمُ الجودِ للمبالغة في ذلك الوصفِ كأنه طبعٌ منه وفي صيغة التفعيلِ في الموضعين إشعارٌ بأن التدريجَ في الإنزال مما تقتضيه الحِكَمُ البالغة {مِن رَبّكَ} في إضافة الربِّ إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من الدلالة على تحقيق إفاضةِ آثارِ الربوبية عليه صلى الله عليه وسلم ما ليس في إضافته إلى ياء المتكلم المبنيةِ على التلقين المحض {بالحق} أي ملتبساً بالحق الثابتِ الموافقِ للحكمة المقتضيةِ له بحيث لا يفارقها إنشاءً ونسخاً وفيه دَلالةٌ على أن النسخ حق {لِيُثَبّتَ الذين آمنوا} على الإيمان بأنه كلامُه تعالى فإنهم إذا سمعوا الناسخَ وتدبّروا ما فيهِ من رعايةِ المصالحِ اللائقة بالحال رسَخت عقائدُهم واطمأنت قلوبهم وقرئ ليُثبت من الإفعال {وَهُدًى وبشرى لِلْمُسْلِمِينَ} المنقادين لحُكمه تعالى وهما معطوفان على محل ليثبت أي تثبيتاً وهدايةً وبشارةً وفيه تعريضٌ بحصول أضدادِ الأمورِ المذكورة لمن سواهم من الكفار