{إِذْ جَعَلَ الذين كَفَرُواْ} منصوبٌ باذكُرْ على المفعوليةِ أو بعذابنا على الظرفيةِ وقيلَ بمضمرٍ هو أحسنَ الله إليكم وأياً ما كان فوضعُ الموصول موضع ضميرهم لذمهم بما في حيز الصلة وتعليلِ الحكمِ بهِ والجعلُ إمَّا بمعنى الإلقاءِ فقولُه تعالى {فِى قُلُوبِهِمْ الحمية} أي الأنفةَ والتكبرَ متعلقٌ بهِ أو بمعنى التصييرِ فهوُ متعلِّق بمحذوفٍ هو مفعولٌ ثانٍ له أي جعلُوها ثابتةً راسخةً في قلوبِهم {حَمِيَّةَ الجاهلية} بدلٌ من الحميةَ أي حميةٍ الملَّةِ الجاهليةِ أو الحميةَ الناشئةَ من الجاهليةِ وقولُه تعالَى {فَأَنزَلَ الله سَكِينَتَهُ على رَسُولِهِ وَعَلَى المؤمنين} على الأولِ عطفٌ على جعلَ والمرادُ تذكيرُ حسنِ صنيع الرسول صلى الله عله وسلم والمؤمنينَ بتوفيقِ الله تعالَى وسوءِ صنيعِ الكفرةِ وعلى الثَّانِي على ما يدلُّ عليهِ الجملةُ الامتناعيةُ كأنَّه قيلَ لم يتزيّلوا فلمْ نعذبْ فأنزلَ إلخ وعلى الثالثِ على المضمرِ تفسيرٌ له والسكينةُ الثباتُ والوقارُ يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلَ الحديبية بعثَ قريشٌ سهيلَ بْنَ عمروٍ القُرشيَّ وحُويطبَ بنَ عبدِ العزى ومكرز ابن حفص بن الأحنف عل أنْ يعرضُوا على النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنْ يرجعَ من عامهِ ذلكَ عَلى أنْ تخليَ له قريشٌ مكةَ من العامِ القابلِ ثلاثةَ أيامٍ ففعلَ ذلكَ وكتبُوا بينهم كتاباً فقالَ عليه الصلاةُ والسلام لعلي رضي الله عنْهُ اكتبْ بسمِ الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ فقالُوا ما نعرفُ ما هَذَا اكتبْ باسمِك اللَّهم ثم قالَ اكتب هذا ما صالح عليه رسولُ الله أهلَ مكةَ فقالُوا لو كُنَّا نعلمُ أنَّك رسولُ الله ما صددناكَ عن البيتِ وما قاتلناكَ اكتُبْ هَذا ما صالحَ عليه محمدُ بن عبدِ اللَّهِ أهلَ مكة فقال صلى الله عليه وسلم اكتُبْ ما يُريدونَ فهمَّ المؤمنونَ أن يأْبَوا ذلكَ ويبطشُوا بهم فأنزلَ الله السكينةَ عليهم فتوقَّروا وحَلِمُوا {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التقوى} أي كلمةَ الشهادةِ أو بسْم الله الرَّحمنِ الرَّحيمِ أو محمد رسول الله وقيل كلمةُ التَّقوى هي الوفاءُ بالعهدِ والثباتُ عليهِ وإضافتُها إلى التَّقوى لأنَّها سببُ التَّقوى وأساسُها أو كلمةُ أهلِها {وَكَانُواْ أَحَقَّ بِهَا}